اهم الاخبار
الجمعة 03 مايو 2024
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

بأقلامهم

الدكتورة صفاء أبو الجود تكتب: تعلمنا من الحج

الدكتورة صفاء أبو
الدكتورة صفاء أبو الجود عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى

 

تعلمنا من الحج أن لله في أرضه بيتًا يحجُّ الناس إليه .. وإنَّ لله في خلقه موضعا هو سبحانه دائم النظر إليه قال تعالى . 

نعم، يعلمنا الحج بأن لله بيتًا هو كعبة القصاد وهو مهبط الأنوار وتنزُّل الأسرار، ينال الخلق عنده رحمة العزيز الغفار، يطوف الناس حوله ويسألون الله له الزيادة في المهابة والأمن والشرف، فيقول الملبِّي: " اللهم زد هذا البيت تعظيمًا وتكريمًا ومهابة وأمنًا، وزد من زاره أو حجه أو اعتمره تشريفًا وتكريمًا ومهابة وأمنا ". 

تلتفت الأنظار إليه بالمهابة والشوق والإجلال والحب والشوق فتفيض العيون بالدموع شوقا وحبًّا، وتمتلئ القلوب خشية ومهابة وودًّا .

إنه بيت عظيم، قال عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حينما نظر إلى الكعبة : " ما أعظمك وما أعظم حرمتك .." 

وإن بيت الله في أرضه ليذكرنا بموضع نظر الله في خلقه والذي دلنا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما قال " إن الله لا ينظر إلى صوركم ولكن ينظر إلى أجسامكم ..."

إنه القلب موضع نظر الله من خلقه؛ لأنه المضغة المركزية التي على مدارها يصلح الإنسان أو يفسد كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "ألا إن في الجسد مضغة ..." 

يذكرنا الحج بأن لله بين جنبينا موضعا  يحتاج منا دائما أن نطهره وأن نرفع قواعد الإيمان فيه، يحتاج منا أن نطوف حوله فنرقب حاله في القرب والبعد عن الله تعالى فإنما سمي القلب قلبًا لشدة تقلبه ولاحتياجه من صائن يتعاهده فيرده إلى ربه مردًا جميلًا .

يحتاج منا أن نغسله بماء الإيمان وأن نكسوه بخلعة التقوى " ولباس التقوى ذلك خير .."

موضع بين جنبينا لو طهرناه لصار كعبة الأسرار ومهبط الأنوار وموضعًا لنظر العزيز الغفار. 

وإن مثل هذا الموضع كمثل البيت  فرشه الاستغفار، ومفتاحه " لا إله إلا الله "، وقوائمه الذكر والتسبيح، وسقفه محبة الله - عز وجل - والوصول إلى معرفته.

وقد حذَّرنا ربُّنا – تعالى - من هدم هذا البيت الذي هو سرُّ الله في جوف كل مؤمن وبين - سبحانه - أنه لا يدخل حظيرة قدسه إلا صاحب البيت السليم فقال - سبحانه -: " يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون * إلا من أتى الله بقلبٍ سليم "، قلب سليم خال من معاول الهدم والتدمير كالحقد والحسد والبغي والكراهية والبغضاء والأذى والغيبة والنميمة وقول الزور و سائر المنكرات، فهذه أمور تقسي القلب وتبعد عن الله تعالى ولقسوة القلب علاجات كثيرة منها ما ذكره الشاعر :

دَوَاءُ قَلْبِكَ خَمْسٌ عِنْدَ قَسْـــــوَتِهِ    فَدُمْ عَلَيهَا تَفُزْ بِالخَيْرِ وَالظَّفَـــرِ

خَــــلَاءُ بَطْـــنٍ وَقُـــــرْآنٌ تَدَبَّرُهُ      كَذَا تَضَرُّعُ بَاكٍ سَاعَةَ السَّحَرِ

كَذَا قِيَامُكَ جُنْحَ اللَّيلِ أَوْسَطَهُ      وَأَن تُجَالِسَ أَهْلَ الخَيْرِ وَالخَبَرِ

فالحج يذكرنا بأن نتعاهد قلوبنا ونغذيها بطاعة الله - تعالى - وطلب رضوانه 

قال ابن رجب - رحمه الله تعالى- : "يا أسرار المحبين بكعبة الحب طوفي واركعي، وبين صفاء الصفا ومروة المروى اسعي واسرعي، وفي عرفات الغرفات قفي وتضرعي، ثم إلى مزدلفة الزلفى فادفعي، ثم إلى منى نيل المني فارجعي، فإذا قرب القرابين فقربي الأرواح ولا تمنعي، لقد وضح الطريق ولكن قل السالك على التحقيق وكثر المدعي.

 

كاتبة المقال: عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية