حاميات التراث 2.0 : فتيات يصنعن المجد ويحملن مشاعل الهوية .. أيدي صغيرة وإرث عظيم
- الريم الفلاسي : نعمل بتوجيهات أم الإمارات .. برنامج وطني لـ تأصيل التراث وتربية جيل من حافظات الهوية الإماراتية

أعلن المجلس الأعلى للأمومة والطفولة عن إطلاق “برنامج حاميات التراث 2.0”، الذي يسعى إلى إعداد جيل من الحرفيات يسهمن في الحفاظ على التراث الإماراتي وتعزيزه، من خلال تدريبهن على الحرف التقليدية، بهدف صونه من الاندثار، وضمان استمراريته ونقله إلى الأجيال الجديدة.

ويأتي إطلاق هذا البرنامج، الذي يُنفّذ بالتعاون مع مركز الصناعات التراثية والحرفية التابع للاتحاد النسائي العام، في إطار حرص المجلس الأعلى للأمومة والطفولة على صون الموروث الثقافي، وتعزيز الهوية الوطنية لدى الأجيال الناشئة.

ويسعى برنامج “حاميات التراث 2.0” إلى تدريب دفعة من الفتيات، ضمن الفئة العمرية ما بين 8 إلى 15 عامًا، على الحرف التقليدية الإماراتية، حيث تتولى تدريبهن نخبة من الحرفيات المتخصصات من فريق “حاميات التراث”، الذي تأسس عام 1978 كأول مركز تخصصي للحرف في الدولة، ليكون منارة للحفاظ على الأصالة، ونقل المعرفة.

وتتعرف المشاركات خلال البرنامج على باقة من الفنون والحرف الأصيلة، تشمل: صناعة العطور والدخون، والتلي، والفروخة، ونقش الحناء، وأصول الضيافة، وفنون الطهي، وتحضير القهوة الإماراتية، بما يفتح أمامهن آفاق الإبداع، ويعزز ارتباطهن بجذورهن الثقافية ، ويتزامن إطلاق برنامج “حاميات التراث 2.0”، وهو النسخة المخصصة للفتيات الصغار، مع شعار يوم الطفل الإماراتي لعام 2025 “الحق في الثقافة والهوية الوطنية”، في تجسيد حي لمفهوم الربط بين الأجيال، عبر تعريف اليافعين بتراثهم الأصيل، وتنمية تقديرهم لقيمه وجمالياته، وضمان استمراريته كجزء حي من الهوية الثقافية للإمارات.

ويعمل مركز الصناعات التراثية والحرفية في الاتحاد النسائي العام على إحياء التراث والمحافظة عليه، والإسهام في تمكين المرأة من خلال توفير فرص التدريب والعمل في مجال الصناعات التراثية، بما يعود عليها بالنفع، ويسهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي لها. كما يضطلع بدور ثقافي رائد، عبر نشر الوعي المجتمعي بأهمية التراث وتاريخه، وربط الأجيال الجديدة به، وتطوير الصناعات التراثية بدمج الحرف التقليدية مع التصميم الحديث، وابتكار منتجات تتناسب مع متطلبات العصر.

ويهدف المركز كذلك إلى بناء الشخصية الوطنية من خلال تعزيز الهوية، وترسيخ الاعتزاز بالتراث الإماراتي، إلى جانب مشاركته في العروض التراثية والمهرجانات والفعاليات المختلفة، وتنظيم ورش عمل لتعليم الحرف اليدوية للأطفال واليافعين والشباب، والمشاركة في المعارض والأسواق، بهدف التعريف بالمنتجات التراثية وتسويقها، وتطوير منتجات حرفية مبتكرة تجمع بين الأصالة والحداثة.

ويُحاكي “برنامج حاميات التراث 2.0” ما يقوم به مركز الصناعات التراثية والحرفية في الاتحاد النسائي العام، الذي تأسس عام 1978 من قبل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وبمبادرة من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك “أم الإمارات”، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية. وقد أسس المركز ليجسد الماضي، ويؤكد على أصالته، ويرسّخ الهوية الوطنية لدى أبناء وبنات الإمارات، محققًا جملة من الأهداف تشمل: إحياء التراث، وحمايته من الاندثار، وإنشاء قاعدة ثقافية لدى المجتمع، وتعريف الأجيال الناشئة بالإرث الحضاري للدولة وتراث الأجداد، واستثمار مهارات ذوات الخبرة في الأشغال التراثية، وتوفير فرص إنتاج تعود بالنفع عليهن، لا سيما ذوات الدخل المحدود.

ويضم المركز عددًا من المشاغل المتخصصة في الصناعات التقليدية والحرف اليدوية التي امتهنتها المرأة الإماراتية قديمًا، حيث تعمل حاميات التراث وخبيرات من كبار السن في إنتاج المشغولات التراثية وتطويرها، وتدريب الراغبات من بنات الوطن عليها. ويركز كل مشغل على حرفة بعينها، مثل: التلي، والخوص، والسدو، والخياطة والتطريز، والفنون اليدوية الحديثة، إضافة إلى معرض دائم يجسد في محتوياته أنماط الحياة اليومية للأسرة الإماراتية في الماضي.
ويأتي إطلاق برنامج “حاميات التراث 2.0” كبرنامج وطني، تم توسيع نطاق تنفيذه ليصل إلى خارج مدينة أبوظبي وضواحيها، ويشمل قرى الإمارات، من بينها منطقة قدفع في الفجيرة، خلال الفترة من 4 إلى 8 أغسطس 2025، وذلك بالتعاون مع مجلس الإمارات للتنمية المتوازنة، ضمن إطار الاحتفال بيوم الطفل الإماراتي، الذي انطلق في 15 مارس الماضي، ويستمر على مدار عام 2025، تحت شعار: “الحق في الهوية والثقافة الوطنية”.

كما شمل البرنامج مدينة العين، حيث أقيمت ورشه خلال الفترة من 11 إلى 15 أغسطس الجاري، بالتعاون مع “مجالس أبوظبي” بمكتب شؤون المواطنين والمجتمع في ديوان الرئاسة. وقد خُصصت هذه الورش للفتيات في عمر 10 إلى 14 عامًا، وشملت: ورشة “القهوة والجامي” في مجلس الطوية، و”الأزياء والمجوهرات في التراث الإماراتي” في مجلس المرخانية، و”الفروخة” في مجلس القوع، و”الدخون والعطور” في مجلس الريف.

ويهدف المجلس، من خلال الربط بين شعار يوم الطفل الإماراتي وبرنامج “حاميات التراث”، إلى تعزيز الترابط بين الأجيال، عبر إشراك كبار المواطنات والأطفال في أنشطة تراثية مشتركة، وتوثيق وتدوين الممارسات المحلية بأسلوب مبسط وصديق للأطفال، لضمان تخليدها للأجيال القادمة. كما يسهم في دعم التبادل الثقافي والمعرفي بين فئات المجتمع المختلفة، بما يعزز الحفاظ على الموروث الشعبي الإماراتي، الذي يشمل: الشعر، والحكم، والأمثال، والفنون التراثية، والعيالة، والحربية، والتغرودة، والصناعات التقليدية، وكل ما يحمله من تاريخ عريق للعادات والتقاليد التي تميّز دولة الإمارات.
وأكدت سعادة الريم بنت عبدالله الفلاسي، الأمين العام للمجلس الأعلى للأمومة والطفولة، أن إطلاق برنامج “حاميات التراث 2.0” جاء بتوجيهات من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك “أم الإمارات”، بهدف تعزيز وتكثيف الجهود الرامية إلى ترسيخ الاهتمام بتراث الإمارات وموروثها الثقافي، بما يسهم في حمايته، وحفظ دوره في حياة المجتمع، وضمان نقله وتوارثه من جيل إلى جيل، ليظل على الدوام شاهدًا على عراقة تاريخ الإمارات، وأصالة جذورها، وانتماء أبنائها لترابها الطاهر.
وأضافت أن المجلس سيحرص، خلال فعاليات البرنامج، على توفير بيئة تفاعلية متكاملة للمشاركين، تتيح لهم معايشة مقومات التراث وممارستها ضمن أنشطة حياتهم اليومية، واستلهامها من الأمهات والجدات اللواتي حافظن على الفنون والحرف التقليدية، التي اعتمد عليها الآباء والأجداد في حياتهم، قبل النهضة الشاملة التي شهدتها دولة الإمارات.
وشددت الفلاسي على أن تمكين الأطفال والناشئة من أبناء وبنات الوطن من الانخراط في التقاليد والموروث التراثي يعزز الروابط الأسرية، ويساعدهم على فهم ثقافتهم الخاصة وتقديرها، ويقوي قدرتهم على التفاعل مع ثقافات الآخرين وتقبلها، ما يُنمّي لديهم قيم التعايش والتسامح، واحترام شعوب العالم وثقافاتها.
كما دعت سعادتها أولياء الأمور إلى تشجيع أبنائهم وبناتهم على الالتحاق بمثل هذه الأنشطة والفعاليات، التي تُرسّخ في نفوسهم حب الوطن والانتماء إليه، والولاء والإخلاص لقيادته الرشيدة، وتُرسّخ في نفوسهم حب الوطن والانتماء إليه، والولاء والإخلاص لقيادته الرشيدة، وتنمّي لديهم شعور الاعتزاز والفخر بهويتهم الوطنية، وتدعم ارتباطهم بها، وتشجعهم على التمسك بأصالتها والمحافظة على تميزها، باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من كيانهم الثقافي والإنساني.