اهم الاخبار
الخميس 28 أغسطس 2025
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

علي الشرفاء الحمادي يكتب : الإسلام بين تحريف الواقع وهجر القرآن

- من الرحمة إلى القهر باسم الدين

علي الشرفاء الحمادي
علي الشرفاء الحمادي

هل هذا هو الإسلام الذي أنزله الله ؟ ، ما نشهده اليوم من ظلمٍ وقتلٍ واستبداد ودماء تُسفك باسم الإسلام، يطرح تساؤلات جوهرية حول مدى ارتباط هذا الواقع البائس بروح الرسالة الإلهية التي جاء بها القرآن الكريم.

هل نحن أمام تعاليم القرآن؟ أم أننا نعيش في واقعٍ مشوَّه رسمته أيادٍ دنّست الدين بدماء الأبرياء وحرّفت مقاصده عن هديها الرباني؟

لقد أساء البعض إلى القرآن، لا برفضه أو محاربته، بل بأسوأ أنواع الإساءة: تحويله من رسالة رحمة وعدل وسلام إلى أداة قهر وعدوان ، شوّهوا حقيقة الإسلام وصوّروه عدوًا للحريات وخصمًا للإنسانية.

  • من الذين شوّهوا الإسلام ؟

هم من حملوا شعارات الإسلام زورًا، ورفعوا راية “الجهاد” كذبًا، فمارسوا القتل والتخريب في أوروبا وغيرها، واحتلوا أراضي، وسبوا النساء، وشتتوا الأسر، وباعوا البشر في أسواق النخاسة ، وتواطأ بعضهم على الإسلام بادعاء حمايته، بينما هم في الواقع أول من انقلب عليه.

زوّروا الروايات، وافتروا على النبي ﷺ، ونسبوا إليه ما لم يقله، وروّجوا لأحاديث الكراهية والطغيان، حتى أصبحت مرجعًا لتبرير القتل والاستبداد ، فهل يُعقل اعتبار من نهبوا ثروات الشعوب، واستباحوا حقوق الإنسان، وشنّوا الحروب القسرية مؤمنين بالقرآن ؟ ، وأي قرآنٍ هذا الذي يُجيز الغزو والنهب وسفك الدماء تحت راية الدين ؟! .

  • حين هُجر القرآن بعد وفاة الرسول ﷺ

تحقّق وعد الشيطان كما جاء في قوله تعالى : {فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: 82] .. وتجلّت الحقيقة المؤلمة في شكوى الرسول ﷺ إلى ربه : {وَقَالَ ٱلرَّسُولُ يَـٰرَبِّ إِنَّ قَوْمِى ٱتَّخَذُوا هَـٰذَا ٱلْقُرْءَانَ مَهْجُورًا} [الفرقان: 30]

منذ اللحظة الأولى بعد وفاته ﷺ، بدأ الانحراف الكبير حين خالفت السلطة السياسية تعاليم القرآن، وشرّعت لأهوائها باسم الدين ، فشُنَّت حربٌ على الممتنعين عن الزكاة، وأُعلنوا “مرتدين”، رغم أن القرآن لا ينص على قتالهم، بل يقول : {يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوا۟ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِى ٱللَّهُ بِقَوْمٍۢ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُۥ} [المائدة: 54] .. لم يفوّض الله أحدًا لقتال من يمتنع عن الزكاة، فكيف بمن اختار غير الإسلام ؟! .

  • صراع السلطة لا صراع الدين

ما حدث بين علي ومعاوية، ثم الحسين ويزيد، لم يكن صراعًا دينيًا، بل صراعًا على الحكم ، مئات القتلى، عشرات المجازر، وصراعات لا تليق بأمة تدّعي اتباع كتاب الله ، كل طرف كان يسعى للسلطة والمكاسب الدنيوية، فأين دعوة القرآن إلى الاعتصام بحبل الله ؟ . أين التعاون على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان ؟ ، هل تعلموا هذا من النبي ﷺ؟ : أبدًا، فقد قال الله له: {وَمَا ٱخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَىْءٍۢ فَحُكْمُهُ إِلَى ٱللَّهِ} [الشورى: 10] .

  • الفتوحات .. غزوات للغنائم لا للدعوة

يتباهى البعض بالفتوحات الإسلامية، زاعمًا أنها كانت لنشر الإسلام، والحقيقة أن كثيرًا منها كان لأجل الغنائم والثروات ، غزو فارس عام 14هـ مثلًا، لم يكن دعوة بالحكمة، بل حملة لإسقاط إمبراطورية ونهبها وسبي نسائها، ومن بينهن بنات كسرى تم توزيعهن كـ رد"  غنائم بشرية " على المنتصرين! .. هل أمر الله بهذا ؟ .. هل دعا القرآن إلى احتلال الأوطان ونهب الذهب والحرير ؟ .. أم أنه قال صراحةً : {ٱدْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلْمَوْعِظَةِ ٱلْحَسَنَةِ} [النحل: 125] .. لقد تحولت الدعوة إلى سيوفٍ مرفوعة وأعلامٍ ملوثة بالدماء باسم الدين ! .

  • الإسلام .. سجينٌ في نفوس المتطرفين

في يومنا هذا، يُقتل الأبرياء في ليبيا والسودان وسوريا والصومال على يد من يرفعون راية “لا إله إلا الله” ، لكن، هل ساروا على نهج القرآن ؟ ، أم هجروا تعاليمه واتبعوا أهواءهم ؟! .. لقد جعلوا من الإسلام غطاءً للغدر، بينما يدعو القرآن إلى المحبة، والتعاون، والحياة الكريمة، والتسامح، والعفو، وإعلاء القيم الإنسانية .

الإسلام ما زال سجينًا في نفوس تعبد الشيطان وتعينه على تنفيذ وعده .

  • القرآن هو المرجع الوحيد

علينا أن نواجه الحقيقة المؤلمة : الإسلام لم يُشوَّه من الخارج، بقدر ما شُوِّه من الداخل، بأيدٍ ادعت التدين وسعت للسلطة والمال ، فهل نُعيد للقرآن مكانته المرجعية الوحيدة ؟ ، وهل نفيق من سبات التاريخ لنتبع ما أنزله الله، لا ما كتبته أهواء البشر ؟ .

لقد خاطب الله نبيه قائلًا: {ولو شاء الله لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين} [يونس: 99]

  • هل ما نعيشه يمثل الإسلام حقًا؟

الحقيقة أن من يُسمّون “مسلمين” اليوم، لا تعكس أفعالهم جوهر رسالة الإسلام، ولا ما أراده الله من الإنسان:

• السعادة

• الرحمة

• العدل

• الإحسان

• السلام

• التعاون على البر والتقوى

• تحريم سفك دماء الأبرياء

• التعامل بالحسنى

فأين ذهبت هذه القيم في واقعنا؟

  • الصراع السياسي خيانة لرسالة القرآن

لماذا يتفشّى السعار السياسي في مجتمعاتنا ؟ ، من يستهدفون استقرار أوطانهم، يقدمونها لقمة سائغة لأعداءٍ لا يعرفون رحمة، على طبق من ذهب! ، لماذا لا يكون الحوار السياسي وسيلة لحماية الوطن والمواطن؟ ، ألم يأمر الله نبيه : {ٱدْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلْمَوْعِظَةِ ٱلْحَسَنَةِ وَجَـٰدِلْهُم بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ} [النحل: 125] .. ولكن، بدلًا من الحوار، فهم السياسيون أن المعارضة طريق للسلطة فقط.

والنتيجة:

• تمزق الوطن

• تفرّق الأشقاء

• انهيار الدولة

• ضياع حقوق المواطنين

  • العودة إلى حبل الله… لا سواه

آن الأوان لوقف التصادم والتشظي، والعودة إلى حوارٍ أخويّ يُعلي مصلحة الوطن ، ألم يأمر الله بذلك ؟ .. {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ ٱللَّهِ جَمِيعًۭا وَلَا تَفَرَّقُواْ} [آل عمران: 103] .