اهم الاخبار
الثلاثاء 01 يوليو 2025
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

علي الشرفاء الحمادي يكتب : فى مواجهة المستقبل

علي الشرفاء الحمادي
علي الشرفاء الحمادي

منذ القِدم وعلى مرِّ العصور، كل الأنظمة والدول التي ارتقت علوًّا، وتفوقت على غيرها من الدول ونجحت في حماية أوطانها، وضعت التخطيط العلمي معيارًا للانتصار، ودرست كافة الاحتمالات التي يمكن أن تخترق الأمن القومي لها، ووضعت لذلك الخبراء والعلماء لدراسة القدرات المتاحة، ومدى إمكانية تطويرها مقارنة بالجهة التي تمثل تهديدًا لأمنها، كما وضعت بعض التصورات لخلق صداقات مع دول مجاورة، وبناء أحلاف تمدها عند الحاجة بما يقصّر عليها من العتاد.

تلك من الأوامر الإلهية، حينما قال في كتابه الكريم، وبلّغه للناس الرسول الأمين عن ربه سبحانه: ﴿وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوةٍ ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوفَّ إليكم وأنتم لا تُظلمون﴾

الأنفال (60)

تلك الأوامر الإلهية التي أمر الله بها القيادات السياسية، بمشاركة المفكرين والعلماء في المجتمعات، أن تستعد لمواجهة المستقبل وما يحمله في أيامه المقبلة من تحديات على كل المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، والثقافية، والهوية الوطنية، يتطلب طاعة الله في تنفيذ أوامره لتحصين المجتمعات مما يتهددها من أخطار تُسقط الأنظمة، وتشتت الشعوب، وتُشرّد الأسر، ويضيع المستقبل للأوطان، بينما الناس في صراع وتنافس على المصالح الشخصية الآنية، ناسين المستقبل وما ينتظرهم من تحديات. وقد قال تعالى: ﴿إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم﴾ الرعد (11)

فلا نصرَ دائم ولا أمن مستقر إلا بالتغيير والإصلاح الحقيقي، والعودة إلى الحق والعدل والتخطيط المدروس. ومن أحبّ ذلك، جعل الله سبحانه الاستعداد والتخطيط لاحتمالات المستقبل بالعمل الجماعي، تقوده قيادات مخلصة تُفني ذاتها في جهد مخلص لتحصين الشعوب والأوطان من الأخطار، وحماية المواطنين من أن تتخذ الحكومات إجراءات استبدادية ارتجالية تُعطِّل مصالح المواطنين وتضعهم في موقف المتحفز، من خلال صدور قرارات فردية لم تأخذ في حسابها الأزمات والمشاكل التي تنتج عن قرارات غير مدروسة، ولم تحسب للناس حقوقهم ومتطلباتهم، مما ينتج عنه خلل في النظام الاجتماعي، وتُفرض حاجات المواطنين المحصورين بين متطلبات الحياة اليومية، وبين القرارات العشوائية التي يكتب تشريعاتها وقوانينها موظفون في مكاتبهم دون النزول إلى الشوارع ودراسة ظروف المواطنين واحتياجاتهم، مع المتغيرات في هبوط القوة الشرائية للعملة المحلية، وترتفع أسعار المواد الضرورية لبقاء حياة الإنسان، وحينها يشعر المواطن بأن ليس لديه ما يخسره.

هنا تبدأ الكارثة التي لا يشعر بها الموظفون المرفهون في الحكومة، ولا يشعرون بآلام الناس، فينزل الغضب الإلهي عليهم، وتحدث الصاعقة على الذين ظنوا أنهم مخلدون في حكم الناس، كما حذّر الله الناس في قوله سبحانه:

﴿حتى إذا أخذت الأرض زُخرُفها وازّينت وظن أهلُها أنهم قادرون عليها أتاها أمرُنا ليلًا أو نهارًا فجعلناها حصيدًا كأن لم تغنَ بالأمس كذلك نفصل الآيات لقومٍ يتفكرون .. يونس (24)

وكما قال جل شأنه: ﴿ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون﴾ الحشر (19)

فالنسيان والغفلة عن الله يقودان إلى ضياع البوصلة، وانتكاس الوعي، وانحدار القرار. وقد حدث ما حذّر الله الناس منه في كثير من الدول في العصر الحاضر، ومنها عدة أمثلة من اليمن، والصومال، وليبيا، والعراق، وفلسطين، ولم يتخذ الناس الحذر من أمر الله لهم، ولم يعتبروا ما حدث لدول في عصرنا الحاضر الذي نعيشه، وكأنهم لا يسمعون، ولا يبصرون، وعلى عقولهم ركام من الأوهام، والاستمتاع بالسلطة يقودهم إلى ذلك، نفوس أمّارة بالسوء، متطلعة دومًا إلى الاستمتاع بمعاناة الإنسان وما يعيشه من شقاء، فجاءهم أمر الله الذي لا راد له سبحانه.

وقد قال عز وجل: ﴿ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون﴾ الروم (41)

وهكذا يكون فساد الأرض نتيجة مباشرة لفساد الإنسان وظلمه. وقال تعالى أيضًا : ﴿قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابًا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعًا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون﴾

الأنعام (65)

فهل اعتبر الناس؟ كلا

هل اتبعوا العِظات الإلهية؟ كلا

هل تعاطفوا مع الذين سقط عليهم الغضب الإلهي؟ كلا

إذًا، فليذوقوا ما صنعته أيديهم من ظلمٍ وبغيٍ وطغيان