اهم الاخبار
الثلاثاء 01 يوليو 2025
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

المرأة ليست ناقصة عقل بل ضحية التفاسير .. أنصفها القرآن وظلمها الفقهاء

مجلة " حواء نصف الدنيا " تفتح النار على الفكر الذكوري وتنتصر للمرأة .. وتواجه الفقه الموروث بالحقيقة الناصعة

غلاف .. مجلة حواء
غلاف .. مجلة حواء نصف الدنيا

أصدرت مؤسسة رسالة السلام العالمية امس الاثنين 30 يونيو العدد الجديد من مجلتها الفصلية " حواء نصف الدنيا " حاملة على غلافها عنوانًا جريئاً : " المرأة .. القرآن أنصفها والفقهاء ظلموها " ، وذلك في إطار رسالة فكرية قوية تنويرية لمؤسسة رسالة السلام بالقاهرة والتحذير من واقع التفسير البشري الذي كبّل المرأة باسم الدين .

العدد الجديد جاء أشبه بـ " مرافعة معرفية " في قضايا المرأة، واستطاع أن يُحول صفحات المجلة إلى منصة تنويرية قوية، تستعرض نخبة من الرؤى الجريئة لمفكرين وحقوقيين وعلماء، تصدّوا لما أسموه الهوة السحيقة بين عدالة القرآن الكريم وظلم الواقع الفقهي والاجتماعي، مطالبين بكسر القيود الذكورية المفروضة باسم الاجتهاد.

في صدارة المواد، جاء تحقيق شامل بعنوان : " حقوق المرأة في القرآن " ، استعرض فيه المفكر العربي علي الشرفاء الحمادي أسس المساواة في الرسالة الإلهية، مفنداً مزاعم " دونية المرأة " التي علّقها الفقهاء على أبواب التأويل، مؤكدًا أن القرآن أسس لتكافؤ كامل بين الرجل والمرأة منذ لحظة الخلق وحتى المصير، وأن " القوامة تكليف لا تشريف، ورعاية لا تسلّط " ، واعتبر الشرفاء أن الخطاب القرآني تعرّض لتشويه ممنهج عبر التاريخ من قبل فقهاء اختزلوا المرأة في صورة تابعة، لا شريكة في صناعة الوجود .

وفي زاوية أخرى بعنوان " المرأة بين التكريم في القرآن والإهانة باسم الدين " ، وجهت الباحثة أماني الوشاحي نقداً  صريحاً  للتراث الفقهي، مؤكدة أن سورة مريم ليست مجرد ذكر عابر، بل إعلان قرآني عن استقلالية المرأة ومكانتها، وأن معظم الأحكام التي أقصت المرأة لا جذور لها في كتاب الله، بل في عقول تورمت بثقافة ذكورية أُلبست رداء القداسة .

أما الكاتب بندر الحميدي فقد فكك في مقاله مزاعم " نقصان عقل المرأة ودينها " مؤكداً علي أن هذه الروايات لا تُعبّر عن جوهر الدين، بل تُعبر عن اجتزاء للنصوص ومحاولات لإخضاع النساء لتفسيرات مبنية على أنصاف الآيات ، وتساءل الحميدي بأستغراب: إذا كانت المرأة ناقصة دين، فهل دين الرجل كامل ليحكم عليها ؟ .

ومن زاوية قانونية جريئة، جاءت الحقوقية السودانية الدكتورة آمال هارون بمقال تحليلي تحت عنوان : " المرأة بين شرع القرآن وسطوة العرف " ، لتؤكد أن النصوص القرآنية تتناغم مع المواثيق الدولية في ضمان الحقوق والعدالة، لكن الإشكال الجوهري هو تحصين التراث الفقهي البشري بدروع القداسة، وهو ما أدى إلى تجميد الإصلاح القانوني وتقييد المرأة داخل قوالب تقليدية تعرقل تمكينها السياسي والمدني.

وفي مساهمة من قلب المجتمع، كتبت نعيمة سنيور مقالاً بعنوان : " أزمة مجتمع يرفض المساواة الاجتماعية " ، عرّت فيه الفكر الذكوري السائد، مؤكدة أن المجتمع لا ينهار حين تُمَكّن المرأة، بل حين تُسحق باسم العادات، محذّرة من أن غياب العدالة في التنشئة والإعلام والتشريع هو ما يصنع الأزمات الأسرية والنفسية ويُصدّر أجيالًا مختلة التوازن .

ويأتي هذا العدد من  " حواء نصف الدنيا " ، ليؤكد أن مؤسسة رسالة السلام لا تكتب فقط، بل تشتبك مع قضايا الوعي، وتفتح الجراح المسكوت عنها، وتعيد للمرأة مكانتها في مرآة القرآن، بعد أن طمسها غبار الفقه الذكوري والاجتهادات الموروثة.