اهم الاخبار
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

تحقيقات وحوارات

فيديو.. عندما أصر صدام حسين على إعدام ابنه عُدي بسبب ما فعله وصدر القرار القضائي بالفعل

ساجدة زوجة صدام استخدمت حيلة ماكرة لمنع التنفيذ!

الوكالة نيوز

صدَّق صدام حسين بشكل قاطع على قرار إعدام ابنه "عُدي" بعد صدور الحكم القضائي ضده، وأصر على تنفيذ الحكم. فماذا فعل عُدي ليصدر ضده هذا القرار؟

بدأت القصة في عام 1988، عندما أقام صدام حسين حفلًا كبيرًا للترحيب ب "سوزان مبارك" زوجة الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك. إذ كانت العلاقات جيدة بين صدام ومبارك في ذلك الوقت، خاصة بعد دعم مبارك لصدام في حرب الخليج الأولى.

كان من ضمن الحضور في ذلك الحفل أحد حراس صدام الأوفياء، والذي يُدعى "كامل حنا". كان كامل مسيحيًّا، وقد قرَّبه صدام منه بسبب إخلاصه وكفاءته. إلا أن "كامل" شرب الخمر في تلك الليلة وسكر، ثم بدأ ينفعل ويفقد سيطرته على نفسه. وفجأة أمسك بسلاحه وراح يُطلق النيران في الهواء في نشوة وسعادة. انزعج "عُدي" من هذا التصرف، خاصة أن الضيوف في الحفل بدأوا يشعرون بالتوتر بسبب ذلك.

اقترب "عُدي" من "كامل" وطلب منه أن يتوقف عن الإطلاق، لكن "كامل" لم يستطع السيطرة على نشوته وواصل الإطلاق. أضف إلى ذلك أن "كامل" كان رجلًا عسكريًا يبلغ من العمر حوالي 34 عامًا، بينما كان "عُدي" في الرابعة والعشرين فقط. ربما رأى "كامل" أنه ليس من حق "عُدي" الصغير أن يأمره بذلك، وربما كانت هناك خلافات قديمة بينهما.

شعر "عُدي" بالإهانة من عدم استجابة "كامل" له، وأخذته الجرأة والعزة بالنفس إلى أن يُخرج سلاحه ويرفعه في وجه "كامل". كيف لا وهو ابن الرئيس ويحق له ما لا يحق لغيره. ثم مرت لحظة من التوتر والترقب انحبست فيها أنفاس الجميع، قبل أن يُطلق "عُدي" النار على كامل ويسقطه على الأرض.

هذا ليس فيلمًا خياليًّا، بل واقعًا حدث بالفعل. وقد توفي "كامل حنا" على الفور، وأصبح "صدام" في حرج كبير أمام نفسه وأمام شعبه.. وأمام ربه قبل الجميع. هل يُطبق القانون على ابنه الطائش؟ أم يتصرف مثل الحكام الذين يرون أن القانون نافذ على أي شخص باستثنائهم هم وعوائلهم؟

في هذا الموقف كان صدام واضحًا بشدة؛ إذ أمر بالقبض على ابنه مثل أي شخص مذنب، ثم وجه تعليماته إلى وزير العدل العراقي باتخاذ الإجراءات التقليدية وعدم التعامل مع ابنه بصورة مختلفة عن أي عراقي آخر. وهو ما حدث بالفعل، فسرعان ما تم القبض على "عُدي" وإيداعه في زنزانة عادية مثل أي مواطن.

 

إعدام نجل صدام حسين

 

وبعد المحاكمة تم إثبات التهمة عليه بشكل واضح، وصدر حكمًا بإعدامه. ثم تم إيداعه في زنزانة انفرادية انتظارًا ليوم تنفيذ الحكم. لكن "عُدي" العنيد لم يرضَ على نفسه أن يُنفذ فيه الحكم بهذه الطريقة، فحاول إنهاء حياته في الزنزانة. إلا أن محاولته فشلت وذهبوا به إلى المستشفى ليتلقى العلاج كما هو مُتعارف عليه في العالم كله.. قبل أن يرجعوه إلى الزنزانة مرة أخرى لتنفيذ الحكم.

في ذلك الوقت كانت السيدة "ساجدة" زوجة صدام وأم عُدي تشعر بمشاعر أي أم في موقف كهذا؛ إذ كان قلبها يتقطع على ولدها.. وقد توسلت كثيرًا إلى صدام ليعفو عنه. لكن صدام لم يستجب لتوسلاتها، ورأى أنه لن يستطيع مواجهة شعبه لو عفا عن ابنه. استنفذت ساجدة كل حيلها للتأثير على صدام، ولم يعد أمامها غير حيلة أخيرة ذكية للغاية.. فقامت بتنفيذها قبل يومين فقط من تنفيذ الحكم.

أرسلت "ساجدة" بشكل سري مبعوثًا إلى الملك "حسين" ملك الأردن، وحمَّلت ذلك المبعوث رسالة خاصة إلى الملك حسين. لم تمضِ ساعات حتى كانت الملك حسين قادمًا إلى العراق بطائرته الخاصة، طالبًا الجلوس مع صدام.

استقبل صدام ملك الأردن بترحاب شديد؛ فقد كانت تجمعهما علاقة صداقة طيبة. وقبل التحدث عن أي شيء يخص البلدين، بدأ الملك حسين حديثه عن قضية "عُدي". إذ طلب من صدام أن يُصدر عفوًا رئاسيًا عن عُدي، وإلا سيقطع علاقات الأردن بالعراق وسيُنهي صداقته مع صدام إلى الأبد.

تراجع مهيب الركن

شعر صدام بحرج شديد؛ فمن جانب هو لا يريد أن يخسر صديقه والعلاقات الطيبة بين العراق والأردن.. ومن جانب آخر لا يريد أن يخسر مصداقيته عند شعبه. أضف إلى كل ذلك مشاعر الأبوة التي لا يستطيع أي إنسان أن يتحرر منها مهما حاول تطبيق العدل. مع ذلك قال صدام لملك الأردن إن القرار ليس بيده وحده، إذ يجب أولًا أن تعفو أسرة "كامل حنا" عن "عُدي" قبل أن يعفو هو عنه. وإن لم تقبل أسرة "كامل" بالعفو عن "عُدي"، فلن يعفو هو عنه. 
وفي جلسة مسجلة على الهواء مباشرة، أحضر صدام عائلة "كامل حنا": والده، وزوجته، وابن عمه، وابن خاله. وتحدث إليهم بكل بشفافية أمام الشعب العراقي.

في الواقع، وحتى نكون منصفين، فنحن لا نعرف هل تعرضت هذه العائلة للضغط من أي نوع لتقبل بالعفو أم لا... لكن ما رأيناه في التسجيل التلفزيوني أنهم عفوا عن "عُدي"، وقد احتضنهم صدام جميعًا وتأسف لهم، وبالتأكيد فإنه قد أكرمهم ماديًّا ومعنويًّا. لكن بالنسبة لأي عائلة كريمة فإن فقدان ابن من أبنائها لا يُمكن تعويضه بكنوز الدنيا كله، خاصة إن كان رحيله قد حدث بسبب طيش شاب ظن أنه قد ملك الأرض ومن عليها. 
بعد أن عفت العائلة عن "عدي"، عفا عنه صدام. وهذا موقف من المواقف التي تُحسب لصدام، فحتى لو لم يتم تطبيق العدالة في النهاية.. لكنه سعى بكل جدية لتطبيقها.

هل تعتقد أن أي حاكم آخر من الحكام العرب كان يتصرف في هذا الموقف مثلما تصرف صدام؟