اهم الاخبار
الأربعاء 24 أبريل 2024
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

تحقيقات وحوارات

انعكاسات كابول.. حلفاء واشنطن منزعجون.. هل تعيد خطط انتشارها بمناطق الصراعات العربية؟

العالم على صفيح ساخن.. امريكا تراجع حساباتها لـ مواجهة صعود النفوذ الصيني في المحيطين الهندي والهادي

الوكالة نيوز

أثـارت السياسـة الجديـدة التـي تتبناهـا الولايـات المتحـدة الأمريكيـة والقائمـة على إجراء تغيير في مسـتوى وطبيعة انتشـار قواتهـا العسـكرية بمـا يتواكـب مـع اقتـراب موعـد انتهـاء الانسـحاب مـن أفغانسـتان، والتركيـز علـى منطقـة المحيطيـن الهنـدي والهـادي لمواجهـة الصعـود الصينـي، وتراجـع اهتمـام إدارة الرئيـس جـو بايـدن ببعـض ملفـات منطقـة الشـرق الأوسـط خلال الأشـهر الأولـى لهـا فـي البيـت الأبيـض، مخـاوف لـدى الأطراف الحليفة لواشـنطن فــي دول الصراعــات العربيــة، التــي لــم تعــد تســتبعد أن ُتقدِم الأخيـرة علـى اتخـاذ خطـوات إجرائيـة جديـدة فـي هـذه الـدول علـى غـرار مـا قامـت بـه فـي أفغانسـتان .

 

ارتدادات محتملـة للانسـحاب 

ويبـدو أن إدارة بايـدن بـدأت فـي محاولـة اسـتيعاب تلـك المخـاوف، علـى نحـو انعكـس فـي الزيـارة التـي قـام بهـا مسـاعد وزير الخارجية الأمريكي لشـئون الشـرق الأوسـط جوى هود إلى مدينة القامشـلي شـمال شرقي سـوريا، في 26 أغسـطس الجـاري ، ورغـم أن العنـوان الرئيسـي للزيـارة يتمثـل في دعم جهود اسـتئناف المباحثـات بيـن الأحـزاب والقـوى الكرديـة، والتـي توقفـت منـذ عشـرة أشـهر، للتوصـل إلـى اتفـاق سياسـي وتشـكيل إدارة مدنيـة تمثـل جميـع مكونـات المنطقـة، إلا أن المشـهد الأفغاني لـم يكـن، علـى الأرجـح، غائبـاً عـن الزيـارة، علـى نحـو يوحـي بـأن واشـنطن تسـعى عبـر تلـك الخطـوات إلـى طمأنـة حلفائهـا فـي دول الصراعـات العربيـة مـن الارتـدادات المحتملـة للانسـحاب من أفغانسـتان .

قلق الحلفاء من الميليشيات بالعراق 

بـدأت بعـض الأطـراف الحليفـة للولايـات المتحـدة الأمريكيـة فـي توجيـه تحذيـرات مـن التداعيـات الإقليميـة السـلبية التـي يمكـن أن تفرضهـا أيـة خطـوات أمريكيـة شـبيهة بمـا قامـت بـه واشـنطن فـي أفغانسـتان ففـي العـراق، هنـاك مخـاوف مـن أن يـؤدي انسـحاب أمريكـي مماثـل إلـى اسـتيلاء الميليشـيات المدعومـة مـن إيـران علـى السـلطة، أو عـودة تنظيـم "داعـش" مجـدداً، بعـد النجاحـات التي حققتها القـوات الأمنيـة العراقية بدعـم مـن القـوات الأمريكيـة فـي احتـواء نفـوذه، أو انـدلاع حـرب أهليـة محتملـة، لاسـيما بعـد مـا شـهدته العـراق مـن تطـورات فـي أعقـاب عمليـة الانسـحاب الأمريكـي فـي عـام 2011 .

 

مؤسسـات الدولـة قـادرة علـى مـلء الفـراغ

بـل إن اتجاهـات عديـدة اعتبـرت أن مـا حـدث فـي العـراق فـي منتصـف عـام 2014 عندمـا اجتـاح "داعش" مناطـق واسـعة فـي الدولـة، تكـرر فـي أفغانسـتان بعـد أن تمكنـت "طالبـان" مـن السـيطرة سـريعاً على معظم الأراضـي الأفغانيـة، وبالتالـي قـد يعـاد تكـراره مـن جديـد داخـل العـراق فـي حالـة مـا إذا اتخـذت خطـوات مشـابهة مـن جانـب واشـنطن، دون أن تكـون هنـاك مؤشـرات واضحـة علـى الأرض توحـي بـأن مؤسسـات الدولـة قـادرة علـى مـلء الفـراغ الـذي سـوف ينتـج عـن هـذا الانسـحاب وربمـا يكـون ذلـك هـو أحـد أسـباب الجـدل الحالـي المتصاعـد بيـن حكومـة مصطفـى الكاظمـي وبعـض القـوى السياسـية والميليشـيات المسـلحة حـول مـدى ومسـتوى وجـود بعـض القـوات الأمريكيـة فـي المرحلـة القادمـة.

قلق الاكراد وعقبات تكرار سيناريو افغانستان 

كما بدأت مخاوف أكراد العراق تتزايد بسبب ما اعتبرته اتجاهات كردية " مواقف أمريكية مسبقة " ترشـح إمكانيـة حـدوث سـيناريو مشـابه، رغـم أن هنـاك اتجاهـات مقابلـة تـرى أن هنـاك اختلافـات كبيـرة بيـن الحالتيـن تقلـص مـن احتمـال "استنسـاخ" السـيناريو الأفغانـي مـن جديـد ، ويتكـرر الأمـر نفسـه فـي حالة سـوريا، حيـث لا يخفـي الأكـراد مخاوفهـم- رغـم رسـائل الطمأنـة الأمريكيـة- إزاء الارتـدادات المحتملـة للانسـحاب الأمريكـي مـن أفغانسـتان، خاصـة أن ذلـك يمكـن أن يـؤدي إلـى فقـدان المكاسـب الاسـتراتيجية التـي حققهـا الأكـراد فـي ظـل الـدور البـارز الـذي مارسـوه فـي الحـرب ضـد تنظيـم "داعـش"، فضـلاً عـن أنـه سـوف يدفـع أطرافـاً عديـدة إلـى محاولـة مـلء الفـراغ الناتـج عـن أي انسـحاب محتمـل فـي هـذا الصـدد بما يؤكد وجود عقبات متعددة ومـع ذلـك، يمكـن القـول إن ثمـة اعتبـارات عديـدة ربمـا تقلـص مـن احتمـالات تكـرار "النمـوذج الأفغانـي" في حـالات أخـرى بالمنطقـة، ويتمثـل أبرزهـا في الأتي : 

 

تزايـد عـدم اليقيـن بشـأن مسـتقبل أفغانسـتان

خاصة أنـه لا توجد مؤشـرات توحي بأن حركـة "طالبان" تسـتطيع السـيطرة علـى حالـة الفوضـى وعـدم الاسـتقرار التـي تنتشـر فـي الدولـة، والتـي بـدت جليـة فـي العمليـات الإرهابيـة التـي يتعـرض لهـا مطـار كابـول منـذ ٢5 أغسـطس الجـاري.

 

الاسـتمرار فـي مناوئـة أدوار الخصـوم 

تبـدي الإدارة الأمريكيـة اهتمامـاً أكبـر بـالأدوار التـي يقـوم بهـا خصومهـا فـي مناطـق الصراعـات فـي الشـرق الأوسـط، علـى غـرار إيـران وروسـيا، حيـث لا يبـدو أنهـا سـوف تتراجـع بسـهولة عـن محاولـة احتـواء هـذه الأدوار، لاسـيما أنهـا تمـس مصالحها بشـكل مباشـر، على نحـو يبـدو جليـاً فـي اتجاههـا إلـى مطالبـة إيـران بتوسـيع نطـاق التفاوض فـي فيينا ليضـم التدخـلات الإقليمية إلـى جانـب الاتفـاق النـووي. وقـد كان لافتـاً أنـه خـلال الأشـهر الأولى من رئاسـته لم يتجه الرئيـس الأمريكي جـو بايـدن إلـى تقليـص مسـتويات القـوات الأمريكيـة فـي سـوريا والعـراق ، وقـد كان سـبب تـردده فـي هـذا السـياق مرتبطـاً بالهجمـات التـي شـنتها الميليشـيات العراقيـة المدعومـة مـن إيـران علـى القـوات والمصالـح الأمريكية .

بايدن يرفع سقف اللاجئين المسموح به بعد تعرضه لانتقادات - أخبار صحيفة الرؤية

تصاعـد حـدة الانتقـادات لسياسـات بايـدن

والتـي وصلـت إلـى درجـة أن بعـض المشـرعين الأمريكييـن طالبـوا عـدداً مـن أعضـاء الإدارة بتقديـم اسـتقالاتهم، ودعـوا الأخيـرة إلـى تأجيـل اتخـاذ أي خطـوات تتعلـق بتخفيـض القـوات الأمريكيـة فـي الشـرق الأوسـط. بـل إن هنـاك اتجاهـات أمريكيـة بـدأت تشـير إلـى أن قـرار وطريقـة الانسـحاب مـن أفغانسـتان سـوف يؤديا إلـى تقليص مصداقيـة الولايـات المتحدة الأمريكيـة لـدى حلفائهـا، وقـد بـدا ذلـك جليـاً عندمـا واجـه مستشـار الأمـن القومـي جيـك سـوليفان، أسـئلة خـلال الأسـبوع الماضـي حـول مـا يعنيـه الانسـحاب مـن أفغانسـتان بالنسـبة لـدول مثـل إسـرائيل وكوريـا الجنوبيـة وتايـوان .

 

طبيعـة الانتشـار العسـكري الأمريكـي بالمنطقـة

أشـارت تحليـلات أمريكيـة إلـى أن بعـض العقبـات التـي تقـف أمـام انسـحاب القـوات الأمريكيـة مـن مناطـق الصراعـات فـي الشـرق الأوسـط يرتبـط بالطبيعـة المتكاملـة لنشـر القـوات الأمريكيـة فـي المنطقـة ، حيـث أن العـدد والنطـاق الجغرافـي لنشـر تلـك القـوات يرهقـان أي جهـود قـد تبـذل فـي هـذا الصـدد .

الارتـدادات الإقليميـة المحتملـة للانسـحاب

كشـف الانسـحاب الأمريكـي مـن العـراق فـي عـام 2011 أنـه لـم يسـاعد فـي تعزيـز الاسـتقرار فـي المنطقـة ، بـل أنتـج تداعيـات عكسـية، علـى غـرار تصاعـد حـدة الأزمـات والصراعـات الداخليـة، وبـروز التنظيمـات الإرهابيـة، مثـل تنظيـم "داعـش"، وهـو مـا فرض على الولايـات المتحـدة الأمريكيـة إعـادة إرسـال قواتهـا مـرة ثانيـة للعـراق للقضـاء علـى هـذا التنظيـم الإرهابـي .

 

إعـادة النظـر تجـاه سياسات الشـرق الأوسـط

فـي النهايـة ووفقاً لـ تقرير التحليل الاستراتيجي الصادر عن مركز العالم العربي للأبحاث والدراسات المتقدمة ، يمكـن القـول إن التطـورات التـي شـهدها أفغانسـتان فـي أعقاب الانسـحاب الأمريكـي بعد عقدين من حرب أمريكية مكلفة مالياً وبشرياً وإعادة سيطرة حركة طالبان علي كابول بالتوازي مع الانتقادات التـي وجهـت لـإدارة جو بايدن ومسـئوليها لعـدم صياغـة اسـتراتيجية متماسـكة ومتكاملـة لمرحلـة مـا بعـد الانسـحاب مـن أفغانسـتان، كل ذلـك سـوف يدفـع الإدارة الأمريكيـة إلـى إعـادة النظـر مجـدداً فـي سياسـاتها تجـاه منطقـة الشـرق الأوسـط، لاسـيما فيمـا يتعلـق بالخطـط المطروحـة لتقليـل الوجـود العسـكري بهـا، ونقل بعـض القـوات منهـا إلـى منطقـة المحيطيـن الهنـدي والهـادي، لاسـيما فـي ظـل تعقـد الأزمـات فـي المنطقـة، ومسـارعة العديـد مـن القـوى المناوئـة لهـا إلـى مـلء الفـراغ، فضـلاً عـن تعاقـد العديـد مـن دول المنطقـة مـع شـركات ضغـط (لوبيـات) أمريكيـة للتأثيـر علـى سياسـات الإدارة الأمريكيـة تجـاه المنطقـة ، والتأكيـد علـى أهميـة الـدور الأمريكـي فـي الشـرق الأوسـط للحفـاظ علـى أمنـه واسـتقراره .