- "أم أميرة" حكاية صاحبة أشهر عربة بطاطس بوسط البلد
تعودت على المصائب لكن وقوف الناس بجواري قواني على مواجهة ظروف الحياة الصعبة
على بعد أمتار من شارع طلعت حرب وتحديدا في شارع هدى شعراوي تقف حليمة محمد الشهيرة ب "أم أميرة" على عربة بطاطس أصبحت من أهم معالم وسط البلد ؛ لتقدم لزبائنها بطاطس لذيذة ، نظيفة ، في أسرع وقت ، وبأقل سعر ، مصحوبة بابتسامة جميلة تخفي آثار الكفاح الذي بدأته "أم أميرة" منذ قرابة 30 عاما ومازال مستمرا حتى الآن .
https://youtu.be/XJD2RZuaxVc
طوابير من الزبائن تقف حول عربة "أم أميرة" هذا هو المشهد المعتاد الذي يراه كل من يمر بجانب عربتها على الرغم أنها لا تقدم "البطاطس المحمرة" بصوص مختلف أو مبتكر ؛ فهي عربة بسيطة جدا لا يوجد بها سوى مقلاتين تقدم من خلالهما بطاطس عادية مثل التي تقدمها أي أم مصرية في المنزل غير مضاف عليها شئ سوى الملح ؛ ولكن وفقا لحديث "أم أميرة" مع "الوكالة نيوز" فإن ما يميز البطاطس التي تقدمها هو "الشقا وبركة ربنا " حيث لم تتوقف هذه السيدة عن الكفاح منذ أن وطأت قدماها شوارع القاهرة .
بدأ كفاح "أم أميرة" عندما جاءت مع زوجها وابنتيها أميرة وبسمة إلى القاهرة راحلة من إحدى القرى بإدفو في محافظة أسوان بصعيد مصر ، لكن بعدما أصيب زوجها بأزمة صحية نقلته على إثرها إلى المستشفى لم تجد "أم أميرة" مورد رزق لعائلتها فساعدها أحد جيرانها مقدما لها عربة أكل لتساعدها في تخطي ظروفها الصعبة وتوفير قوت يومها لها ولأسرتها .
حليمة أم "أم أميرة" ؟.. صحيح أن اسم "أم أميرة" في شهادة الميلاد حليمة إلا أنها تفضل أن تنادى ب "أم أميرة" لأن هذا الاسم يقرن اسمها باسم ابنتها "أميرة" التي توفت بسبب مشكلة في عضلة القلب ورثتها عن والدها ليتبقى ل"أم أميرة" بعد وفاتها ابنتها بسمة وزوجها .
لكن المصائب لا تأتي فرادى حيث صدمت"أم أميرة" بعد عامين من وفاة ابنتها بوفاة زوجها هو الآخر نتيجة مشكلات في عضلة القلب ، ورغم ذلك رضيت بقدرها و لم تتوقف عن العمل والكد في الحياة .
لم تبدأ "أم أميرة" عملها ببيع البطاطس فهي بدأت ببيع المناديل والحلويات ، وبعد أن حصلت على عربة الأكل قدمت من خلالها أكثر من أكلة فتارة قدمت الكبدة ، وتارة أخرى اشتهرت بتقديم العدس في المنطقة ، حتى انتهى بها المطاف واستقرت على تقديم البطاطس .
تبدأ "أم أميرة" في تقطيع البطاطس وتجهيزها وتجهيز العيش البلدي من بعد منتصف الليل لكي تستعد لتقديم البطاطس والسندوتشات في الصباح الباكر إلى زبونها الدائم ؛ الموظف الذي يرغب في الحصول على فطوره سريعا حتى لا يتأخر على عمله .
تقول "أم أميرة" عن الشعب المصري أنه "أطيب و أجدع شعب في العالم" حيث تقول أنها لم تجد داعما ومساندا لها في محنها وكل الظروف الصعبة التي مرت بها سوى الجيران والمعارف والأصدقاء .
أما عن زبائن "أم أميرة" فهم مختلفون اختلاف الشعب المصري من حيث التركيب فتجد العامل وموظف البنك ، الرجل والمرأة ، العجوز و الشاب والطفل ، وعلى الرغم أن "أم أميرة" تقف في منطقة مليئة بمحلات الأكل والمطاعم الشهيرة وبالطبع هذه الأماكن يوجد في قائمة طعامها "البطاطس المحمرة" إلا أنه ليس غريبا أن تجد كثيرا من زبائن "أم أميرة" يجلبون طعامهم من هذه الأماكن ثم يعودون إلى الوقوف في طابور السيدة الصعيدية المثابرة ليحصلوا على البطاطس التي لا مثيل لها في أي مطعم مجاور ليس من حيث الطعم فقط بل من حيث السعر أيضا فلا يتعدى سعر السندوتش الواحد لديها 6 جنيهات .
بعد وفاة ابنتها الكبرى وزوجها لم يتبق ل "أم أميرة" سوى ابنتها "بسمة" التي أصبحت الأمل الوحيد الذي تعيش من أجله ، وكل ما تتمناه الآن هو أن يتم الله شفاءها على خير بعد أن أصيبت بوعكة صحية شديدة الشهور القليلة الماضية ، كما تأمل "أم أميرة" أن تفرح بزواج ابنتها لكي تطمأن أنها تحيا حياة آمنة مستقرة .
تقرير : رضوى مجدي
تصوير : مروة علي