اهم الاخبار
الجمعة 05 ديسمبر 2025
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

د .القس جرجس عوض يكتب : من وحي مقال “صرخة للإنقاذ” لـ علي الشرفاء

القس جرجس عوض
القس جرجس عوض

من وحي مقال “صرخة للإنقاذ” للمفكّر العربي الأستاذ علي محمد الشرفاء، تتجلّى أمامنا صرخة إنسانية نابعة من مشاهد الظلم والعنف وضياع الضمير، وهي صرخة يشاركها الملايين. ومن منظور الضمير الإنساني، تبرز أمامنا حقائق جوهرية ينبغي الوقوف عندها.

أولًا: فساد البشر ليس في “الأديان” بل في “قلب الإنسان الساقط”

لقد صرخ النبي إرميا قديمًا قائلًا:

«اَلْقَلْبُ أَخْدَعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ نَجِيسٌ، مَنْ يَعْرِفُهُ؟» (إرميا 17: 9)

فالمشكلة ليست في اليهودية أو المسيحية أو الإسلام، بل في فساد القلب حين يبتعد الإنسان عن الله، فيفسد أي نظام أوفكر أو دين يحمله، فتتشوّه العقيدة بالأفعال الآثمة.

فالشرّ ليس هوية أمة، بل مرض روحي يطال البشر من كل الأجناس.

وهذا ما صرح  به العهد الجديد:

«إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ» (رومية 3: 23)

ويؤكّده القرآن الكريم أيضًا:

﴿إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ﴾ (إبراهيم 34)

إذ تُظهر الآية طبيعة الإنسان إذا تُرك لهوى قلبه.

ثانيًا: الشرّ لا يرتبط بدين أو شعب

الإيمان المسيحي يعلن أن:

الله يحب جميع الشعوب (يو 3: 16)

ويدعو الجميع إلى الخلاص (1 تيموثاوس 2: 4)

ولا يوجد “شعب شيطاني” أو “أمة فاسدة بالطبيعة”. فالأنبياء وبّخوا اليهود قديمًا لا لأنهم قوم أشرار، بل لأن كل إنسان معرّض للانحراف إذا ترك الله وتبع خطوات الشرّ.

ويقول العهد الجديد:

«لأَنَّ غَضَبَ اللهِ مُعْلَنٌ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى جَمِيعِ فُجُورِ النَّاسِ وَإِثْمِهِمِ» (رومية 1: 18)

وكذلك القرآن الكريم يحذّر المؤمنين أنفسهم:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ﴾ (النور 21)

فالتحذير موجَّه للجميعلأن الانحراف ليس حكرًا على أحد.

ثالثًا: التاريخ يشهد بأن العنف ليس حكرًا على دين

الحربان العالميتان لم تكونا حربين دينيّتين، بل صراعات سياسية وعرقية واقتصادية.

وفي كل الأديان وُجدت صراعات دموية وقعت تحت شعارات دينية بينما هي في حقيقتها صراعات مصالح ومطامع ،شخصية لا علاقة لها بجوهر الإيمان.

فأين الدين من رجال الدين؟

لقد غلبت المصالح الشخصية، فأصبحت فوق كل اعتبار.

الأرض لا تقدَّس بالدم، بل بالسلام.

فهذه هي رسالتنا.

والعنف في جوهره ليس إلا ثمرة فساد الإنسان حين يبتعد عن الله.

رابعًا: إصلاح البشر لا يكون بإعادة قراءة النصوص فقط، بل بتجديد القلب

كم من حافظي القرآن أو الإنجيل أو التوراة يمارسون الشرّ بكل أشكاله! فالمشكلة ليست في “النصّ” بل في القلب الذي يقرأ النصّ.

الإنقاذ الحقيقي ليس في تكرار القراءة، بل في قلب يُعاد خلقه، وقوة روحية تغيّر الاتجاه.

إنني أضم صوتي إلى كاتبنا المبدع وصاحب القلب الكبير المفكر العربي الأستاذ علي محمد الشرفاء.

فلنرجع إلى الله بقلوب صادقة، ونصرخ إليه أن يصلح حياتنا ويقود خطواتنا.

فليس قدَر البشرية أن تنساق إلى الهلاك، لأن محبة الله أقوى من فساد العالم