على الشرفاء الحمادي يكتب : تحرير العقول من قيود الروايات المزورة والعودة إلى نور القرآن
منذ أن أنزل الله كتابه العزيز جعله هدى ونورا للعالمين ودعوة مفتوحة لتحرير العقول من أسر الجهل والتقليد فالقرآن الكريم لم يكن يوما كتاب طقوس جامدة بل منهاج حياة يبعث الفكر من رقوده ويدعو الإنسان إلى التدبر والتأمل في آيات الله غير أن أقواما من بعد ذلك استسلموا للروايات الموضوعة وقيدوا العقول بالأقوال الموروثة حتى غابت شمس الفكر الحر وساد التقليد الأعمى باسم الدين
قيد العقل المسلم بروايات مزورة واستسلم الفكر لأقوال الفجرة فعاش الناس قرونا متتابعة وهم يوقنون أن أجدادهم على الطريق المستقيم تناقلوا الموروث دون تمحيص واطمأنوا إلى ما وجدوا عليه آباءهم كأنما الحق لا يعرف إلا بالآباء فصدق فيهم قول الله تعالى (وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون) البقرة 170
بهذا التقليد الأعمى تراجعت الأمة عن نور الوحي وابتعدت عن جوهر الرسالة لقد أراد الله من عباده أن يتدبروا القرآن ويتحرروا من قيود الظن والاتباع الأعمى لكن كثيرا منهم أعرضوا عن هذا النداء الإلهي فغابت العقول وسادت الخرافة
لقد نجح اليهود وأعوانهم في تقييد عقول كثير من المسلمين بكتب ألفوها ونسبوها زورا إلى الدين فاختلطت الروايات بالوحي وتقدمت الأحاديث المظنونة على كلام الله المحكم وبهذا قدس المسلمون ما لم يقدسه الله وتركوا القرآن الذي فيه الهدى والنور وهجروه هجرا مريبا كما قال سبحانه (وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا) الفرقان 30
أصبحت العقول خاوية فملأها أولياء الشيطان بما تشتهيه الأنفس وزينوا للناس المعاصي والذنوب حتى ظنوا أن العفو مضمون مهما عصوا ما داموا يتبعون الروايات المزورة على الله ورسوله وكذلك الذين ساهموا عن قصد أو عن غير قصد في تفرق الأمة وتشويه دينها وهكذا نسي الناس الكتاب الذي هو المصدر الأول والوحيد لدين الإسلام وبه وحده تعرف أصول الإيمان وثوابته
منذ أربعة عشر قرنا ظن كثير من المسلمين أنهم اتبعوا الرسول صلى الله عليه وسلم بينما ابتعدوا عن المنهاج الذي أنزله الله عليه
إن جوهر الإسلام يقوم على ثلاث ثوابت لا يستقيم الإيمان إلا بها
أولا الإيمان بوحدانية الله لا شريك له خالق السماوات والأرض وهو على كل شيء قدير
ثانيا الإيمان بالقرآن الكريم كتاب الله المحكم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه
ثالثا ( ان يؤمن الناس ويشهدوا بان محمدا رسول الله للناس كافة) خاتم النبيين الذي بلغ رسالة ربه دون زيادة أو نقصان
فمن أنكر واحدة من هذه الثوابت الثلاثة فقد انتفت صلته بالإسلام كما قال الله تعالى (يا عبادي لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين) الزخرف 68 – 69 فالانتماء إلى الإسلام ليس كلمة تقال بل إيمان صادق بآيات الله وتطبيق عملي لكتابه الكريم
لقد وضع الله شرط الدخول في الإسلام واضحا لا لبس فيه أن يؤمن الإنسان بآيات القرآن ويجعلها مرجعه الأول والأخير فأين المسلمون الذين التزموا بهذا الشرط الإلهي إن العودة إلى القرآن ليست ترفا فكريا بل فريضة وجودية لإنقاذ الأمة من تيهها ولن ينهض المسلمون حتى يتحرروا من روايات الزور والتقليد الأعمى ويعودوا إلى النور الذي أودعه الله في كتابه الكريم مصداقا لقوله تعالى (قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم) المائدة 15 – 16
فلنرفع من جديد راية التدبر والتفكر ولنحرر عقولنا من كل قيد وضعه البشر على كلام الله فإن في القرآن وحده الحياة والعزة والنور