مجدى طنطاوى يكتب : لماذا يكتب علي محمد الشرفاء ؟ ولماذا لا يصمت كغيره ؟

في عالمٍ تكلّست فيه العقول واستُبدلت فيه الكلمة بالبندقية والضمير بالمصلحة والعقل بالنقل يخرج صوت من بين ركام الصمت العربي لا ليضيف ضجيجا إلى الضجيج بل ليقول "كفى!"… صوتُ علي محمد الشرفاء الحمادي الكاتب والمفكر الذي لم يختر الصمت كما اختاره غيره ولم يهادن كما هادن غيره ولم ينسق كما انساق غيرة .
1. لماذا لا يصمت؟
لأن الصمت في هذا الزمن جريمة
لأن من يرى النار تشتعل في بيت الأمة ولا يُنذر يعد شريكا في إحراقها
لأن السكوت عن الظلم خيانة والسكوت عن الجهل تأييد والسكوت عن التدليس الديني الذي كبل العقل العربي وساقه للذبح تحت راية "الفرقة الناجية" هو طعن في قلب الرسالة الإلهية التي جاءت رحمة للعالمين لا نقمة عليهم .
الشرفاء لا يكتب لمجرد الكتابة بل يخوض حربا فكرية جهرا وعلنا ضد ما يعتبره انحرافا عن جوهر الإسلام إسلام الرحمة والعدل والعقل والحرية .
هو يعلم أن من السهل أن تكون مقلدا في هذا العالم العربي أن تردد "ما وجدنا عليه آباءنا" أن تختبئ وراء التراث وتحتمي به من مواجهة الواقع
لكن من الصعب أن تكون مفكرا أن تكون حرا أن تتحدى "الإجماع" الذي صنعه الخوف والكسل والمصالح .
2. لماذا يطرق أبوابا أوصدها الكبر والجهل والغطرسة؟
لأن الصمت عنها خيانة للأجيال القادمة
لأنه ككل صاحب رسالة لا يكتب لمن يرفضون أن يسمعوا بل لأولئك الذين لم تصلهم الكلمة بعد
يطرق الأبواب المغلقة لأن في كل أمة نخبة من العقول تنتظر فقط من يوقظها من يحرك الساكن فيها من يهز يقينها المزيف لتعيد طرح الأسئلة الكبرى
من نحن؟
لماذا تخلفنا؟
ولماذا لا نفهم ديننا كما أنزله الله لا كما شوّهته السياسة؟
الجهل لا يُحارب بالرصاص بل بالفكر
والكبر لا يُهزم بالصراخ بل بالمثابرة
والغطرسة تنهار حين تُواجه بمرآة الحقيقة .
علي الشرفاء يعرف جيدا أن ما يفعله اليوم قد لا يُثمر غدا لكنه يعرف أيضا أن الفكرة حين تُزرع في الأرض الصحيحة لا بد أن تنمو ولو بعد حين .
3. لماذا يصر على كشف الوجه الحقيقي لأمريكا؟
لأن الحقيقة تُقال وإن كانت مُرة
لأن أمريكا التي تُقدم نفسها حامية للديمقراطية هي ذاتها التي ساهمت في تمزيق العراق وزرعت الفوضى في ليبيا وساندت الظلم في فلسطين، ودعمت الطغاة في كل ركن من أركان العالم العربي ما داموا يؤمنون مصالحها .
يعرف الشرفاء أن العدو الأخطر ليس من يهاجمنا بالسلاح فقط بل من يتسلل إلى عقولنا عبر الإعلام والثقافة والسياسة ليفرض علينا صورة جديدة لأنفسنا يطمس هويتنا ويقدم لنا التبعية في ثوب التحالف .
يكتب ليقول للعرب : "احذروا فعدوكم ليس فقط من يقتلكم بل من يسرق إرادتكم ومن يمنعكم من التفكير ومن يصنع لكم أئمة على مقاس مصالحه" .
4. رسالته ليست ضد الآخر… بل من أجل الذات .
لا يكتب علي الشرفاء بدافع الكراهية لأحد بل بدافع الحب لأمته .
لا يُهاجم الغرب لأنه غرب بل لأنه استغل ضعفنا .
ولا يُهاجم التراث لأنه تراث بل لأنه حُول إلى أداة قمع لا وعي ووسيلة تجميد لا تحريك .
رسالة الشرفاء عميقة : "عودوا إلى القرآن… ففيه الحرية لا العبودية وفيه الرحمة لا القسوة وفيه العقل لا النقل وفيه الحياة لا الموت."
5. الكلمة… آخر سلاح شريف
في زمن النفط والسلاح والصفقات تبقى الكلمة الشريفة سلاحا نادرا
والشرفاء يقبض على هذا السلاح رغم أن الجميع حوله يضعونه جانبا أو يبيعونه بثمن بخس .
إنه لا يكتب ليُعجب به أحد
ولا لينال الجوائز
ولا ليُصفق له الناس
بل ليضع حجرا في جدار النهضة القادم مهما تأخر
هو يعرف أن من سبقوه من المصلحين من الأفغاني إلى محمد عبده إلى الكواكبي إلى الطهطاوي لم تُفهم أفكارهم في زمنهم… ولكنهم أصبحوا اليوم رموزا للصحوة
وأخيرا…
علي محمد الشرفاء الحمادي هو شاهد على زمن عربي ينهار لكنه يرفض أن يكون جزءا من الانهيار
هو يصرخ لأن الصراخ في وجه الباطل عبادة
ويكتب لأن الحبر أنقى من النفط وأبقى من الرصاص
ويُحذر لأن من لا يُحذر أمته من الخطر يكون شريكا في ضياعها
فهل نُصغي؟
هل نستيقظ؟
هل نعيد النظر؟
أم سنواصل دفن رؤوسنا في رمال الذل حتى يكتب التاريخ عنّا "هؤلاء أمة ماتت وهي تصرخ أنها حية"؟