من نفاق الحريات الأمريكيةً إلى صرخة الوعي العربي .. توثيق للحظة سقوط الهيمنة الأخلاقية

صدر اليوم الاحد عن مؤسسة رسالة السلام العالمية العدد السادس والأربعين من مجلتها الفكرية " كل حد " والتي تواصل من خلالها المؤسسة أداء دورها التنويري في نشر الوعي بقضايا الإصلاح الديني والسياسي، والتصدي للأفكار الهدامة والتفسيرات المغلوطة للدين .

يتصدر العدد مقال تحليلي بالغ الأهمية للمفكر العربي الكبير علي الشرفاء الحمادي، بعنوان : بعد رفض واشنطن قرار حل الدولتين .. أي حقوق إنسان يتحدث عنها الأمريكان ؟ " .

وفي هذا المقال، يكشف علي الشرفاء عن التناقض الحاد بين الخطاب الأخلاقي الأميركي حول حقوق الإنسان، وسلوكها السياسي الفعلي، لا سيما بعد رفضها الاعتراف بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم على حدود 1967، وهو ما اعتبره نكوص عن أبسط مبادئ العدالة الدولية .

ويؤكد الشرفاء أن الولايات المتحدة تفقد ما تبقى من مصداقيتها العالمية، حين تسوّق نفسها كمدافع عن الحريات وحقوق الإنسان، ثم ترفض حل سلمي عادل يُجمع عليه المجتمع الدولي، وهو " حل الدولتين " والذي أقرته الأمم المتحدة مراراً ويدعمه 142 بلد حول العالم .

إذ يفكك علي الشرفاء خطاب " الهيمنة الأخلاقية " الذي تتبناه الإدارات الأمريكية، ويطرح تساؤلات صادمة للرأي العام العالمي : كيف لدولة ترفض قرار سلمي يضمن الحد الأدنى من العدالة والكرامة لشعب محتل، أن تتحدث عن حقوق الإنسان في مناطق أخرى من العالم ؟ .

ويتابع الشرفاء الحمادي  : من حق الشعوب أن تسأل: هل حقوق الإنسان حكر على من يتوافق مع المصالح الأمريكية  فقط ؟ ، وهل يحق للفلسطينيين أن يُمنعوا من حريتهم بينما تتباكى واشنطن على ديمقراطية صورية هنا وهناك  ؟ .

وفي نهاية مقاله، يدعو الشرفاء إلى إعادة تعريف مفهوم " الحق " على أسس واقعية وعادلة، تنطلق من احترام سيادة الشعوب، لا من مصالح القوى الكبرى، مشدداً على أن " الحق لا يُمنح بل يُنتزع بالوعي والعقل والاتحاد " .

وتحمل افتتاحية العدد مقال لرئيس مجلس التحرير بعنوان : " من زيف الحقوق الأمريكية إلى قوة تفرض الحق " ، حيث يناقش كيف تحوّل الخطاب الغربي عن " الحقوق " إلى مجرد أداة ضغط وتوجيه سياسي، ويدعو إلى مشروع عربي يعيد بناء موازين القوة استناداً  إلى الوعي الشعبي والسيادة والاستقلالية في القرار .

كما يضم العدد ملف فكري موسّع بعنوان : القوة تصنع الحقوق .. لإنقاذ الأمة من رهانات الوهم " ، ويشارك فيه نخبة من كبار المفكرين والخبراء الاستراتيجيين، بينهم : " اللواء الركن عبدالله السيد الهاشمي .. الدكتور طارق فهمي .. اللواء نصر سالم .. جمال أسعد .. هشام النجار " .

ويحلل الملف كيف أن الأمة بحاجة اليوم إلى لغة جديدة قائمة على القوة الناعمة والصلبة معًا، تُمكّنها من فرض احترام حقوقها ومقدساتها أمام المشهد الدولي المتغير .

كما يضم العدد مقالين تحليليين مهمين للكاتب الصحفي مجدي طنطاوي، المدير العام لمؤسسة رسالة السلام، ويناقش فيهما : " دور المؤسسة في تفكيك الفكر المتطرف، ومواجهة التفسيرات المغلوطة للنصوص الدينية، إلى جانب دور الإعلام التوعوي في إعادة صياغة وعي الشعوب " .

ندوة مركز العرب: المشروع الإصلاحي للشرفاء في دائرة الضوء .

ينفرد العدد بتغطية شاملة لأعمال الندوة الفكرية التي نظمها مركز العرب للدراسات والأبحاث، حيث جرى تحليل مشروع المفكر علي الشرفاء الحمادي، القائم على العودة إلى المرجعية القرآنية الصافية بعيدًا عن المرويات المتطرفة .

وأكد المشاركون أن المشروع يشكل فرصة إصلاحية حقيقية تعيد للعقل العربي توازنه، وتُخرج الخطاب الديني من أسر الغلو إلى فضاء الرحمة والعقلانية .

وفي الصفحة الثقافية الأخيرة، يكتب هشام النجار مقال نقدي بعنوان : " فيلم عمر ورؤية الشرفاء الحمادي.. من جدران الخيانة إلى بناء الدولة بالوفاء ، ويحلل فيه كيف تتقاطع الرؤية الفكرية لعلي الشرفاء مع الرسائل الرمزية في فيلم " عمر " ، حيث يتحول الوفاء للوطن والقيم إلى سلاح مقاومة حقيقي أقوى من البنادق .