اهم الاخبار
السبت 20 سبتمبر 2025
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

عاطف زايد يكتب : متى تأتي الوحدة العربية ؟ .. لا وحدة بلا وعي ولا وعي بغير مرجعية القرآن

علي الشرفاء ينادي في الناس : إما أن نعود لـ كلام الله أو نبقى غنيمة للغزاة .. لم يهزمونا بـ السلاح بل بالانقسام

عاطف زايد
عاطف زايد
  • " الوحدة " شعار تعلقنا به فـ مزقنا أنفسنا .. خدعوا الناس بـ القداسة الزائفة وأغرقوهم في وحل الطوائف

على مدار عقود طويلة، لم تُناقش قضية في العالم العربي كما نُوقشت قضية الوحدة العربية، ولم يُجمِع العرب على شعار كما أجمعوا على شعار “الوحدة”، ومع ذلك، ظلت الشعارات تملأ الفضاء، بينما الواقع يزداد تمزقًا وانقسامًا.

علي الشرفاء الحمادي 

الندوات والمؤتمرات تكررت، والقصائد والأغنيات صدحت بعشق “القومية العربية”، لكن شيئًا من ذلك لم يتحقق. واليوم، بينما تُستباح الأرض، ويُفقد الأمان، ويُهدر الحلم، يظل السؤال الأكثر إلحاحًا: متى تأتي الوحدة؟

في هذا السياق، تُطرح رؤية فكرية نقدية عميقة، تبحث في جذور الشقاق بين من تجمعهم اللغة، والدين، والتاريخ، والحدود. رؤية تذهب إلى أن جوهر الأزمة لا يكمن في غياب الخطاب السياسي الموحد فحسب، بل في غياب الوعي الديني والثقافي الذي يُعيد تشكيل المفاهيم على ضوء المرجعية القرآنية، لا على وقع تراكمات التراث وأهواء المذاهب.

إن ما يُنادي به هذا الطرح الجريء هو العودة إلى الأصل، إلى مرجعية واحدة لا تقبل الجدل، ألا وهي القرآن الكريم، بوصفه الكتاب الذي “لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه”، والذي يحمل بين دفتيه رسالة الحرية والعدل والرحمة والسلام.

فليست المشكلة -كما تُصورها بعض النخب الدينية والسياسية- في تعدد الآراء، بل في تحويل الروايات البشرية إلى نصوص مقدسة، وتقديمها على أنها جزء من الدين، حتى غدت الأمة أسيرة لتفاسير وأحاديث متضاربة، تفرّق ولا توحد، وتُقصي ولا تجمع.

هذه الروايات، كما يُحذر الخطاب التنويري المطروح، لم تكن يومًا بريئة. فقد استُدعيت، في لحظات الصراع السياسي عبر التاريخ، لتثبيت سلطات، وتكريس زعامات، ومنح الشرعية لملك أو خليفة. فخرجت من رحم السلطة دُويلات فكرية، وطوائف مذهبية، وفرَق دينية، كل منها يزعم امتلاك الحقيقة المطلقة، ويصم غيره بالضلال.

والنتيجة كانت ما نعيشه اليوم: أمة ممزقة، تائهة، منهكة بصراعات داخلية، عاجزة عن مواجهة الأخطار الخارجية، مشغولة بنفسها عن أعدائها، في وقتٍ لم يتوقف فيه النزيف، وسقطت فيه مئات الآلاف من الضحايا، وتعرضت الأوطان للنهب والانهيار.

من هنا، تأتي الدعوة إلى العودة الجادة إلى كتاب الله، لا بوصفه شعارًا دينيًا يُرفع، بل كمرجعية فكرية وتشريعية، كفيلة بأن تعيد بناء العقل الجمعي العربي، وتُرسي وحدةً حقيقية لا تقوم على العاطفة، بل على منهج إلهي واضح لا غموض فيه.

لقد آن الأوان لنقولها بوضوح: لا خلاص للعرب، ولا وحدة للمسلمين، ولا نجاة للأوطان، إلا بالرجوع إلى القرآن الكريم، ورفض كل مرجعية دينية أخرى أُضفيت عليها القداسة زورًا، فكانت بابًا للفرقة، لا جسراً للوحدة.

إنها لحظة فارقة، تستدعي شجاعة فكرية، وتحررًا من إرث ثقيل، ومسؤولية أخلاقية تجاه الأجيال القادمة. فإما أن نعتصم بحبل الله جميعًا، أو نواصل التشرذم حتى آخر شظية من الوعي .