أشلاء فلسطين تبحث عن سلطة موحدة .. الأرض تُباد والوطن يتآكل || صوت الشعب لا يسمعه أحد
- علي الشرفاء يكتب عن خارطة الدم والشتات: هل انتهى زمن الدولة ؟ .. فلسطين تنزف وقرار العرب في مهب الريح

- إسرائيل تحكم الطوق علي الارض والفصائل تتصارع على الرماد .. بدأ العد التنازلي لـ نكبة جديدة
- قضية فلسطين تُدفن حيّة وقيادة الوطن غائبة .. كل الطرق تؤدي إلى التهجير .. من يا تري يُوقف العاصفة ؟
تعيش أمة العرب في واقع سياسي مأزوم .. تعاني من اضطرابات وأزمات متلاحقة .. وفي خضم ذاك الواقع المر المرير تبقى كثير من القضايا المصيرية عالقة .. تبحث عن صوت موحد .. وموقف واضح يعبر عنها .. و .. و أحسب هنا أن الحديث عن حقوق الشعوب وتطلعاتها للاستقلال .. لابد وأن يأتي في مقدمة تلك القضايا التي تفرض نفسها بقوة علي الضمير والإنسانية .. خاصة عندما تتداخل المصالح الدولية .. ثم .. ثم يتفاقم الانقسام الداخلي .. الأمر بات يهدد المستقبل .. ويفتح الباب أمام سيناريوهات أكثر تعقيداً وأشد خطورة .
نعم هي لحظات تاريخيّة تعيشها الامة .. لحظات يُعاد فيها تشكيل ملامح الشرق الأوسط تحت نيران الأزمات والدبابات .
لحظات يطرح فيها المفكر العربي الكبير علي الشرفاء الحمادي سؤال جوهري يكشف فيه عمق الأزمة الفلسطينية : أين هي الحكومة الفلسطينية الموحدة التي تُمثل الشعب حق تمثيل ؟ .. سؤال قد يبدو بسيط في ظاهره .. لكنه يحمل في طياته إدانة واضحة للفشل السياسي الفلسطيني الداخلي .. ويضع النقاط فوق الحروف في تلك اللحظات الدقيقة من عمر التاريخ .
إذ يشير علي الشرفاء إلى أن الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية .. مهما كان واسع النطاق .. لكنه لا يُبنى على العواطف أو التضامن الرمزي .. بل على واقع سياسي مؤسسي .. فالعالم بحاجة إلى مخاطب فلسطيني شرعي واحد .. لا إلى فصائل مشتتة ومرجعيات متصارعة تُفقد أي تحرك دبلوماسي ثقله وفعاليته .
لأن ما يحدث في غزة ليس سوى مقدمة لتكرار كارثة محتملة في الضفة الغربية .. فالتهجير والتدمير الجاري ليس مجرد تداعيات حرب .. إنما هو جزء من مشروع استراتيجي لتصفية الهوية والوجود الفلسطيني .. ووسط هذا المشهد المرتبك .. والصمت الدولي البائن .. يفقد الصوت الفلسطيني هويته ووحدته .. ويتعاظم نفوذ الاستعمار ويسهل عليه تمرير مشروعة الغامض الغاصب للأرض والعرض .
وفي ظل تفوق إسرائيل عسكرياً ودعمها الغربي .. يرى الحمادي أن القوة الحقيقية التي يمكن أن تردع الاحتلال ليست السلاح .. بل وحدة الصف الفلسطيني .. وحدة سياسية تمنح القيادة القدرة على تحريك الدعم الدولي .. وتفعيل أدوات المقاومة المشروعة من داخل المنظومة الدولية .
ويلفت الشرفاء النظر إلى الخديعة التاريخية الكبرى .. التي روّجت لها إسرائيل في الغرب عبر استخدام نصوص التوراة لتبرير الاحتلال .. وهو ما مكّنها من تصوير العرب كأعداء دائمين .. وتمرير صورة مغلوطة عن طبيعة الصراع .. مستغلين بذلك جهل الشعوب الغربية بالمشهد الحقيقي .
ومن وجهة نظر جيوسياسية .. يرى علي الشرفاء .. أن الاحتلال الإسرائيلي لا يمنع فقط قيام دولة فلسطينية .. بل يعمل كفاصل استراتيجي بين دول العالم العربي .. ما يخدم مصالح القوى الدولية الكبرى الساعية لإدامة التشرذم الإقليمي.
الحل .. كما يراه علي الشرفاء الحمادي في سطور مقاله .. يبدأ من الداخل الفلسطيني عبر تشكيل حكومة واحدة تجمع كل القوى السياسية .. تمتلك شرعية القرار .. وتستعيد زمام المبادرة داخلياً وخارجياً .. فمن دون هذه الخطوة المصيرية سيجد الفلسطينيون أنفسهم أمام نكبة جديدة .. لا تقل قسوة عن نكبة 1948.
ويوجه رسالة صريحة للعرب : كل جهود الوساطة والمبادرات الإقليمية ستفشل .. إن لم يكن هناك شريك فلسطيني موحد .. وكأن كل هذه الجهود ستذهب سدى .. " وكأنك يا أبو زيد ما غزيت " .. حسب التعبير الشعبي الذي استخدمه بذكاء للتأكيد على جدوى الوحدة الوطنية.
وينهي الحمادي مقاله بصوت إيماني وإنساني موحد .. مستشهدًا بالقرآن الكريم .. ليذكّر القارئ بأن الأرض التي باركها الله لا يجب أن تُترك لمن دنسها بالاحتلال .. وأن السكوت عن الظلم خيانة للحق والضمير .
مقال علي الشرفاء ليس مجرد تساؤل سياسي .. انما هي نداء ضمير تنبه إلى كارثة قادمة .. إن لم يتحرك الفلسطينيون داخلياً لتوحيد صفوفهم .. فدون حكومة فلسطينية واحدة .. ستبقى كل البيانات الدولية والقمم العربية دون جدوى سياسية حقيقية .
اللهم اني قد بلغت .. اللهم فاشهد .