د عبد الراضي رضوان يكتب : : أنماط هجر القرآن .. بين الشكلانية والتفريغ من المضمون

عندما شكا الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم إلى ربه متألماً : " وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا " - صدق الله العظيم .
لم يكن يشكو من ترك القرآن ومخاصمته والابتعاد عنه كُلِّيةً، وإنما كان يشكو مما يفصله مفكرنا الأستاذ علي الشرفاء الحمادي اليوم من أشكال وأنماط مستجدة من هجر القرآن، ومنها صورتان معاصرتان:
أولاهما : ما يُسمى بالشكلانية والظاهراتية، المتجسدة في التبرك بشكل القرآن : كتاباً موضوعًا في سيارة، أو على سطح مكتب، أو أرفف مكتبة، أو تحف، أو قلادة من ذهب أو فضة.
ثانيًا : تفريغه من مضمونه، بالتلاعب في إنفاذ وتنفيذ والالتزام بقيمه ومبادئه وتوجيهاته وأوامره، واجتناب نواهيه، والعدول عن ذلك إلى أعمال وأفعال تُضاد مقاصد تشريعاته، مما حذَّر الله منه في القرآن الكريم .
إذ يقول الله سبحانه وتعالي في كتابه الكريم : " لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ " - صدق الله العظيم .
بل إن الله توعّد فاعله وعيدًا مخيفًا بالويل والثبور، كما جاء في قوله سبحانه وتعالى : أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ" - صدق الله العظيم .