أميمة رمضان خلال ندوة رسالة السلام : الطلاق قرار شخصي لكن آثاره مدمّرة على الأطفال والمجتمع
الطفل يدفع الثمن وحده .. ووثيقة علي الشرفاء طوق نجاة وتضع أول خريطة لـ إنقاذ الأسرة من الانهيار

حذّرت الدكتورة أميمة رمضان، استشاري قضايا الطفولة والمراهقة، من التداعيات النفسية والاجتماعية الخطيرة التي تلاحق الأطفال بعد انفصال الوالدين، مشددة على أن الطفل غالباً ما يكون الضحية الأولى والأخيرة لقرار الطلاق، حيث يتحمل وحده الثمن المعنوي والتربوي والانفعالي، في حين يغيب وعي الأبوين بعواقب قرار الانفصال.
جاء ذلك خلال الندوة الفكرية التي نظمتها مؤسسة رسالة السلام بـ القاهرة لـ مناقشة كتاب " الطلاق يهدد أمن المجتمع " للمفكر العربي الكبير علي الشرفاء الحمادي، وذلك بـ حضور عدد من قيادات وأعضاء المؤسسة، وعدد من الخبراء والمتخصصين في قضايا الأسرة والعلاقات الإنسانية .
الندوة عقدت برئاسة الكاتب الصحفي مجدي طنطاوي الامين العام للمؤسسة علي مستوي العالم وأدار الندوة الكاتب الصحفي الدكتور معتز صلاح الدين رئيس مجلس أمناء مؤسسة رسالة السلام بالقاهرة وتحدث خلالها عدد من الشخصيات البارزة، من بينهم الدكتورة آمال نمر عضو المجلس القومي للمرأة بـ القاهرة ومدربة المشورة الأسرية، والدكتورة منال زقزوق مديرة مركز الأسرة للاستشارات والتدريب وعضو النقابة العامة للتنمية البشرية، إلى جانب الأستاذة أميمة رمضان، استشارية قضايا الطفولة والمراهقة ، واستعرضت المتحدثات أبرز فصول الكتاب وانعكاساتها الإيجابية على قضايا التماسك الأسري وبناء مجتمع متوازن قائم على الاحترام المتبادل والتربية السليمة .
وقالت رمضان إن الانفصال بين الزوجين لا ينتهي بقرار إداري أو قانوني، بل يبدأ بعده مسار طويل من التبعات النفسية والسلوكية التي تترك آثاراً عميقة في وجدان الطفل وشخصيته، مضيفة : الطفل لا يعبّر دائماً بالكلمات، لكن سلوكياته داخل المدرسة أو في محيطه الاجتماعي تكشف عن جروح لم تلتئم ، وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن الآثار النفسية للطلاق قد تمتد لسنوات طويلة وتستدعي تدخلًا علاجيًا متخصصاً " .
وأكدت أن كثيراً من الأطفال المتأثرين بالطلاق يُظهرون سلوكيات متمردة أو انعزالية، وقد يتحملون مسؤوليات تفوق أعمارهم، بل يصل الأمر إلى أن يصبح الطفل هو العائل الحقيقي للأسرة، ما يهدد سلامه النفسي ويضعف قدرته على تكوين علاقات طويلة الأمد.
وأشارت رمضان إلى أن وثيقة علي الشرفاء تمثل خطوة مهمة لحماية الطفل والأسرة من هذه الانهيارات، إذ تضع ضوابط واضحة تحمي الصحة النفسية للطفل وتحافظ على صورته المتزنة عن والديه، من خلال إلزام الطرفين باحترام بعضهما وتقديم نموذج تربوي عاطفي سليم ، وأضافت : الوثيقة تحصّن الطفل من تشويه صورة أحد الوالدين، وتؤكد ضرورة استمرار العلاقة العاطفية بينه وبين كلٍ من الأب والأم، بغضّ النظر عن الانفصال .
وشددت على أهمية تنظيم الخلافات الأسرية بهدوء، بعيداً عن ساحات المحاكم والصراعات القانونية، لأن الخسارة الكبرى تكون من نصيب الأطفال، الذين يتأثرون بالتوتر، والانفلات الأخلاقي، والانفصال عن بيئة منضبطة ومستقرة ، ودعت إلى تفعيل بنود الوثيقة من خلال اشتراط الحوار والتحكيم الأسري قبل إتمام الطلاق، ووضع آليات لحماية الاستقرار المعيشي للأبناء، وتقليل فجوة العناد والانتقام التي غالبًا ما تنشأ بين الطرفين ويدفع ثمنها الطفل نفسيًا وسلوكيًا.
واقترحت رمضان أن يُعتبر الطلاق غير نافذ في حال عدم وجود خطة مكتوبة تضمن حقوق الأطفال والطرفين، إلى جانب تخصيص جلسات توعية نفسية وتربوية قبل الزواج، وتفعيل دور مؤسسات الرعاية الاجتماعية والمدارس في رصد وتقديم الدعم للأطفال المتضررين من الانفصال الأسري ، كما طالبت بتشريعات تجرّم إهمال أحد الوالدين لأطفاله بعد الطلاق، مؤكدة أن “الطلاق قد يكون قراراً شخصياً ، لكن آثاره كارثية على المجتمع كله .
واختتمت تصريحاتها بالتأكيد على أن وثيقة علي الشرفاء الحمادي تمثل حماية مباشرة للطفولة، وطوق نجاة حقيقي لإنقاذ إنسان من الانهيار، وحماية مستقبل وطن بأكمله، مضيفة: هذه المبادرات ليست مجرد مقترحات نظرية، بل ضرورة واقعية يجب أن يتبناها المجتمع بكل مؤسساته، لأن انهيار الطفل هو بداية لانهيار المجتمع .