إنذار الفجر قبل أن يحل ليل الفتن الطويل .. القرآن ينادي الساقطين بين ركام الغفلة
علي الشرفاء : دعاة الفتنة وجماعات الارهاب .. هم أبناء الخلل القديم ونتاج هجر آيات القرآن الكريم

في لحظة أبدية ومشهد تاريخي فارق .. أشرقت شمس البعثة النبوية حاملة إلى الإنسانية دستوراً إلهياً عظيماً .. هبط الوحي على سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم بـ قرآناً نورانياً يفيض بالهداية .. ويؤسس لفجر جديد من الحرية والعدل والسلام .. كتاب الله كان وسيظل هو خارطة الطريق لبناء مدينة فاضلة ومجتمع آمن .. يعيش فيه بني البشر متساوين متحابين معمرين للأرض .. مستنيرين بأنوار الإيمان والعقل .
- أستاراً من الروايات المدسوسة
لكن .. يا للأسى سرعان ما تسلطت على هذا النور المقدس غمائم سوداء .. ثم .. ثم انقضت جموع من المتاجرين بالدين على الرسالة الإلهية بفتاوى واحكام شوهت أصل الدين .. و .. و أهملت الكتاب المقدس .
نسجوا حوله أستاراً من الروايات المدسوسة .. والافتراءات التي ما أنزل الله بها من سلطان .. حتي سُرقت مرجعية القرآن من صدور الناس .. وطُمرت آياته من بعض القلوب خلف آلاف المرويات والمقولات .. حتى صار القرآن مهجوراً .. كما شكا المصطفى عليه الصلاة والسلام إلى ربه قائلاً : " وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا " .. صدق الله العظيم .
- الشرفاء يبكي حال أمة ضلت السبيل
وفي هذا المشهد المؤلم .. يطل علينا المفكر العربي الكبير علي الشرفاء الحمادي بمقاله البصير والذي كتبه تحت عنوان : دور القرآن في بناء المجتمعات الإنسانية " .. فيحمل إلينا مشعلا من النور .. يبكي حال أمة ضلت السبيل .. وهجرت كتاب ربها فتاهت في متاهات التيه والفرقة والدمار .
وها نحن اليوم .. بعد أربعة عشر قرناً نحصد ثمار ذلك الهجر .. " فرقاً متناحرة .. وطوائف متقاتلة .. ودماء تسيل .. وكراهية تنتشر " بعد أن تسلل الخلل إلى صلب الدين .. وترك كثير من المسلمين كتاب ربهم خلف ظهورهم يلهثون وراء ظنون البشر .
- المتربصون ينسجون الأكاذيب
لقد جاء التكليف الإلهي واضحاً لا لبس فيه .. اذ يقول المولي سبحانه وتعالي : " يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ " .. ويقول الصادق أيضاً في محكم تنزيله : " فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ " .. صدق الله العظيم .. ولكن من ذا الذي استمسك ؟ ومن الذي تشبث بالقرآن ولم ينشغل بغيره ؟ .. بل قفز المتربصون إلى المسرح ينسجون الأكاذيب المدسوسة ويخلقون الإسرائيليات .. يلوّثون ينابيع الإسلام الصافية .. حتى خفت صوت القرآن بين كثير من الناس وسط صخب الأساطير المكذوبة .
- أبناء الهجر الأول للقرآن
إنها معركة وجودية .. معركة بين النور والظلام .. إذ يبين علي الشرفاء في مقاله علي ان الذين ادعوا احتكار الفهم القرآني .. أغلقوا باب الاجتهاد وختموا العقول بالأقفال .. رافضين أوامر الله الصريحة في قوله عز وجل : " أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ " .. وقوله تعالي : " أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا " .. صدق الله العظيم .. فلم يكن غلق باب الاجتهاد سوى مؤامرة كبرى علي الدين .. سلبت من الكثيرين حق التفكير وحرمتهم من نور التدبر .. حتي باتوا لقمة سائغة في يد دعاة الفتنة ومهندسي الفرقة .. وهكذا أعيد إنتاج الكارثة في كل عصر وحين وظهرت بيننا : " داعش .. والقاعدة .. والإخوان .. والنصرة .. والتكفيريين .. وغيرهم الكثير والكثير من جماعات إرهابية متلفحة برداء الدين " .. جميعهم أبناء ذلك الخلل القديم .. أبناء الهجر الأول للقرآن الكريم
- صوت صارخ في برية الضلال
ورغم هذا التيه وهذا الضلال ينادي فينا القرآن من جديد .. صادحاً بنداء خالد لا يأفل نوره اذ يقول المولي عز وجل : " وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا " .. صدق الله العظيم .. لكن من يسمع ؟ .. ومن يستجيب ؟ .
.. و .. وفي وسط هذا الركام وزحمة هذا الضجيج .. يطل علي الشرفاء الحمادي .. بـ صوت صارخ في برية الضلال .. واضعاً إصبعه بثبات على الجرح النازف .. ويؤكد في مقاله التنويري علي إن العودة إلى القرآن .. ليست خياراً فكرياً ولا ترفا ثقافياً .. بل هي حياة أو موت .. هي قضية وجود أو فناء .. لإن العودة إلى كتاب الله هي وحدها القادرة على استعادة وحدة الأمة .. وإحياء حضارتها المضيئة التي شاءها الله للبشرية رسالة رحمة وعدالة وسلام للعالمين .
- صرخة البصير في وجه الأعمي
ويوجه الشرفاء خلال رسالته الفكرية دعوة لتطهير الدين من الشوائب .. وصرخة لاستعادة النقاء الأول الذي أنزله الله لعباده نوراً ورحمة .. موجها نداءه المتكرر : يا أبناء الإسلام لا خلاص لكم إلا بالرجوع إلى القرآن .. لا حياة لأمتكم إلا بتجديد العهد مع كتاب ربكم .. لا نجاة لكم إلا بالاعتصام بحبل الله جميعاً .. قبل أن يغرقنا طوفان الظلام .
إنها صرخة البصير في وجه الأعمي .. وإنذار الفجر قبل أن يحل ليل الفتن الطويل .. فالقرآن العظيم لا يزال ينادي الناس الساقطين بين ركام الغفلة : هلموا إليّ فبين آياتي النور والنجاة " .. لذا فمن يدرك هذا النداء كتب لنفسه الحياة .. ومن أعرض فقد اختار الهلاك و غرق وسط ظلام لا فجر بعدة .. اللهم إني قد بلغت .. اللهم فاشهد .