اهم الاخبار
الجمعة 26 أبريل 2024
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

الاقتصاد

ماذا يحدث للأسواق المالية لعام 2022 بسبب أوميكرون والسياسة النقدية الأمريكية المتشددة؟

بدأت الأسواق المالية شهر نوفمبر على ارتفاع لتصل إلى مستوى قياسي، وبرغم ذلك انتهى منخفضًا بشكل مفاجئ، وبحلول نهاية نوفمبر تراجع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنحو 2.9% منخفضًا من أعلى مستوى له على الإطلاق، لينهي الشهر منخفضًا بنسبة 0.8%، في نفس الوقت، خسر مؤشر داو جونز الصناعي (DJIA) بنحو 3.7% وتراجع مؤشر راسل 2000 بنحو 4.3% مسجلًا أسوأ أداء شهري له منذ مارس 2020.

يقع اللوم على مجموعة من العوامل، بدءًا من متغير كوفيد 19 الجديد "أوميكرون" ومعدلات التضخم المرتفعة بقوة إلى المخاوف تجاه الخطوات التالية المحتملة للسياسة النقدية للبنك الاحتياطي الفيدرالي، وكذلك اضطرابات سلسلة التوريد، بشكل فردي قد يتم تجاهل كل عامل بسهولة، ولكن إذا تم جمع تلك العوامل معًا في الوقت نفسه تقريبًا، فإنهما يدمران الأسواق المالية بشكل سلس والتي شهدت ارتفاعًا بنسبة 23% منذ بداية العام حتى الآن.

وعلى الرغم من التراجع الذي حدث في نهاية نوفمبر الماضي، كانت عمليات البيع في سوق الأسهم باهتة للغاية في عام 2021، مما خيب آمال بعض المحللين الذين تنبؤا بحدوث تصحيح بنسبة 10% أو أكثر والذي طال انتظاره، يمكن أن نرى ما إذا كان سيتم إثبات صحة هذه التنبؤات في ديسمبر الجاري، وعلى الرغم من ذلك، فإنه تاريخيًا نجد أن شهر ديسمبر يكون قويًا بالنسبة للأسواق، حيث اكتسب مؤشر ستاندرد آند بورز 500 نحو 73% على المدي البعيد خلال شهر ديسمبر منذ عام 1928. 

إن حالة عدم اليقين تجعل شهر ديسمبر مهمًا بشكل خاص، فهو سيهيئ المستثمرون للعام المقبل وسيتيح لهم معرفة كيف ستسير الأمور وكيف نتصرف للخروج من هذه الأزمة، من المتوقع أن تكون التقلبات اليومية لسوق الأسهم على حسب المزاج العام للمستثمرين الذين يحاولون فهم كيف يمكن لمتغير أوميكرون أن يعرقل إعادة فتح الاقتصاد، لكن اجتماع البنك الاحتياطي الفيدرالي في منتصف الشهر والتقارير الاقتصادية، خاصة التي تتعلق بالتضخم، قد تسرق الأضواء مرة أخرى.

ومع اقتراب عام 2021 من نهايته في أقل من شهر ووصول الأسواق إلى مستويات قياسية عقب وباء فيروس كورونا، فإن السؤال الذي يطرحه المستثمرين في الوقت الحالي، ما الذي يمكن أن نتوقعه من أسواق الأسهم في عام 2022؟

مع الخروج من جائحة فيروس كورونا، ومع اتخاذ الحكومات في جميع أنحاء العالم تدابير التعافي لمساعدة الاقتصادات، ما الذي ينتظرنا مع دخولنا عام 2022؟، خاصة في ظل مستويات التضخم المرتفعة وتمسك البنوك المركزية العالمية بسياساتها النقدية المتمثلة في عدم رفع سعر الفائدة، لكن هل ستبقى تلك السياسات على هذا النحو حتى عام 2022؟

كل الأنظار على متحور أوميكرون

لقد مر ما يقرب من عامين منذ اكتشاف أول حالة إصابة بفيروس كورونا في الولايات المتحدة، وحاليًا يشعر المستثمرون بالقلق من جديد بشأن المتحور الجديد، فيما يتعلق بمدى قابلية انتقاله ومقاومته للقاحات، ويري عدد قليل من المستثمرين أن أوميكرون يعني مزيد من تقلب السوق.

بشكل عام، تسيطر التقلبات على الأسواق المالية في ظل وجود حالة من عدم اليقين، ولسوء الحظ، من المتوقع أن يسيطر القلق وعدم اليقين على نفوس المستثمرين عدة أيام قبل أن نكتشف المزيد من المعلومات حول الفيروس الجديد وما قد يعنيه بالنسبة للاقتصاد والأسواق.

قد تنطبق عقلية الانتظار والترقب هذه على معرفة المزيد عن المتغير وكيف ستستجيب الاقتصادات العالمية الكبرى المختلفة من حيث القيود، لكن الأسواق لا تتحلى بالصبر، وبالفعل سيطرت مخاوف أوميكرون على سوق الأسهم، حيث انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بما يزيد قليلاً عن 2 % في يوم 26 نوفمبر مسجلًا أكبر انخفاض يومي له منذ فبراير الماضي، ويعتبر هذا اليوم الذي تم فيه تصنيف متحور أوميكرون من قبل منظمة الصحة العالمية (WHO).

يقول أحد محللي السوق البارزين "كالمعتاد، تحدث التغييرات بسرعة عندما يظهر متغير جديد"، ويضيف أن الاقتصادات العالمية لا تزال في مرحلة إعادة الانفتاح، ويمكن أن يكون متحور أوميكرون نكسة تجعل مشكلات سلسلة التوريد الحالية أسوأ، "ولا ينبغي الاستهانة بذلك".

هل ستستمر الارتفاعات القياسية؟

سجلت الأسواق المالية خلال هذا العام ارتفاعات القياسية مذهلة، وبالأخص المؤشرات الأمريكية التي شهدت بعض الأرقام القياسية، كما شهدنا هذا العام أيضًا أرباح للشركات أفضل من المتوقع وتكاليف رأس مال أقل، الأمر الذي ساهم في مكاسب سوق الأسهم التي نراها حاليًا، ولكن هل يمكن أن يستمر هذا الانتعاش حتى عام 2022؟

يقول أحد محللي السوق أن المستثمرين أخذوا الكثير من الوقت السابق لإدراك أن معدلات التضخم ستظل مرتفعة بقوة ولمدة أطول مما كنا نتوقع وأن البنوك المركزية تتجه نحو مزيد من التشدد، خاصة وأن المؤشرات الاقتصادية في الولايات المتحدة تحقق ارتفاعات جديدة.

إن السياسة النقدية التحفيزية التي تلتزم بها الكثير من البنوك المركزية في الوقت الحالي توفر المزيد من الدعم للسوق، وإذا لم تقوم البنوك المركزية بتشديد سياستها النقدية وتسريع وتيرتها فمن غير المرجح أن نشهد تراجعًا كبيرًا في الأسهم.

ومن جهة أخري، فإن ما شهدناه من ارتفاعات قياسية لأكثر من 60 يومًا خلال عام 2021، بالطبع عليه أن ينخفض مع الوقت، لهذا يتوقع البعض أن تشهد وول ستريت نهاية سنة نابضة بالحياة، ولكن في عام 2022 ستبدأ الأمور في التباطؤ، حيث ستصل الأسهم إلى مستوى لا يمكنهم تحمله ولا تدعمه الأساسيات والتقييمات.

البنك الاحتياطي الفيدرالي يمكنه تسريع عملية التناقص التدريجي لمشترياته

في حين أن البنك الاحتياطي الفيدرالي لا يقلل من إمكانيات أوميكرون وتداعياته على الاقتصاد العالمي، إلا أنه يبدو غير رادع في خطته التي تهدف إلى تسريع وتيرة تقليص برنامجه التحفيزي.

في التعليقات التي تركت بعض المستثمرين في حيرة من أمرهم، قال رئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي "جيروم باول" أمام اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ في 30 نوفمبر أثناء الادلاء بشهادته، أن متحور أوميكرون يشكل "مخاطر سلبية" على معدلات التوظيف والنشاط الاقتصادي وأن "خطر التضخم المتزايد باستمرار قد نما"، وبرغم ذلك، اقترح باول أن البنك سيعمل على تسريع وتيرة خططه المتدرجة لبرنامجه لشراء ما لا يقل عن ماذا يحدث للأسواق المالية لعام 2022 بسبب أوميكرون والسياسة النقدية الأمريكية المتشددة؟ مليار دولار من السندات في أقرب وقت في ديسمبر.

كانت تعليقات باول بمثابة صفعة على الوجه، لأن صانعي السياسة لدي البنك أكدوا مرارًا على مدار الشهور السابقة أن معدلات التضخم المرتفعة هي أمر مؤقت، ومع احتمال حدوث تسريع وتيرة البرنامج التحفيزي، يأتي السؤال التالي وهو: متى سيرفع البنك سعر الفائدة في عام 2022؟، تزايدت التوقعات برفع أسعار الفائدة مرة واحدة مع بداية شهر مايو بنحو 50%، ارتفاعًا من 35% قبل شهر واحد فقط.

مع استمرار المستثمرين في استيعاب تعليقات باول الأخيرة، من المحتمل أن يكون هناك المزيد من التقلبات، الشيء الذي قد يحرك السوق هو التغييرات في الخطوة التالية من البنك الاحتياطي الفيدرالي عند اجتماعه الأخير لهذا العام في 14 و15 ديسمبر الجاري.