اهم الاخبار
الخميس 25 أبريل 2024
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

تحقيقات وحوارات

في ذكرى استشهاده.. أبناء رفعت المحجوب يكتبون: هذا الرجل أبونا.. أسد البرلمان وأم كلثوم السياسة

قال عنه عبدالناصر: تعلموا العدالة الاجتماعية من كتابه الاشتراكية.. وقال فيه السادات: يرفع قيمة أي منصب يتقلده 

الوكالة نيوز

وقال فيه حسني مبارك: ليس كل أستاذ جامعة او حاصل على الدكتوراه ينفع يكون «رفعت المحجوب»

ولد الدكتور رفعت المحجوب ، بمحافظة دمياط الساحلية شمال مصر، حيث كانت تقطن اسرة والدته التي ذهبت لتضع مولودها البكر ببيت والدها "هلال شاهين" بمدينة الزرقا بلدته ومركز تجارته واعماله (زراعة الارز وتصنيعه اذ كان يمتلك مصنعاً لضرب الارز ثم تغليفه)، وكان والده الاستاذ السيد المحجوب سكرتير حزب الوفد و هو في الاساس من رجال التعليم تدرج في وزارة المعارف كان مدير التعليم الحر ثم وكيلاً لوزارة المعارف وعندما خرج في التطهير اشترى مدرسة خاصة له "القديسة هيلانة" وكان يقوم بإدارتها حتى توفي وورثها الأبناء من بعده و لكن لم يكن لأحدٍ منهم الوقت ولا الشغف فقاموا ببيعها . 

طفولته وحياته

عاش الدكتور المحجوب طفولته بالقاهرة مع اسرته ؛ المكونة من والده و والدته و ثلاثة ابناء و بنتان و كان هو الاكبر ؛ تلقي تعليمه بالقاهرة حيث تخرج في مدرسة التوفيقية ؛ التي كان والده مشرفاً للغة العربية بها ؛ نشأ وفدياً مثل ابويه ثم التحق بكلية الحقوق و في ٩ فبراير ١٩٤٦ وقت حكومة النقراشي باشا حين انتهت مفاوضات الاستقلال بالرد البريطاني في٢٦ يناير ١٩٤٦ تؤكد على الثوابت الرئيسية التي قامت عليها معاهدة ١٩٣٦ والتي أعطت مصر استقلالاً منقوصاً يتمثل في بقاء قوات بريطانية في مصر لتأمين قناة السويس، فكان الرد البريطاني بمثابة صفعة لكل آمال الشعب المصري، فاندلعت المظاهرات العارمة للطلبة في كل ارجاء مصر تطالب بالجلاء وقطع المفاوضات .

وكان المحجوب بين الطلبة المتظاهرين و وقع فيمن وقعوا في النيل في حادثة فتح كوبري عباس الشهيرة وانقذته يد العناية الالهية من الغرق ليتم اعتقاله فيمن تم اعتقالهم من الطلبة ليذهب جدي ليخرجه من الحجز بضمان شيخ الحارة ككل مرة اذ لم تكن تلك هي المرة الاولى التي تم اعتقاله فيها ويترك لنا في مذكراته ابياتاً شعرية نصها كالتالي: "اي عباسُ قد خلَّفتَ جسراً.. تسيلُ دماؤنا من مدخليه.. وتُحصدُ فوقه الارواحُ حصداً.. على يدِ الغبيِ وصاحبيه.. ويمشي في جنازتِها حزيناً.. كأن الدمَ ليس على يديه.. ويرسل باسماً للنعشِ ورداً.. فيذبل وردُه خجلاً عليه.. اليس من العجائبِ ان شعبي .. يعضُ يديهِ مستجدٍ يديه". 

التعليم و الدرجات العلمية :

حصل على ليسانس الحقوق، جامعة القاهرة ( فؤاد الاول ) ، عام 1948 ، ورغم انه كان ترتيبه الثالث على دفعته الا انه حرم ان يعين بالنيابة التي كان يرغب في الالتحاق بها بتوصية عكسية من ابراهيم عبد الهادي الذي كان رئيساً للوزارة وقتها لخلافه مع الوفد ، ثم عين معيداً بكلية الحقوق جامعة القاهرة فور تخرجه ، وسافر في بعثة دراسية الى باريس 1949 ، وحصل على ديبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص و ديبلوم آخر في الاقتصاد من جامعة السوربون عام 1951 ، كما حصل على دكتوراه الدولة في الاقتصاد من نفس الجامعة ، عام 1953 ، ثم عاد إلي مصر عقب الثورة حيث تدرج في عدة وظائف في جامعة القاهرة و منها : مدرس ثم أستاذ مساعد بكلية الحقوق، جامعة القاهرة ، أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية التي اسسها بالمشاركة مع الاستاذ الدكتور زكي الشافعي ، عام 1964.

كان عضواً في لجنة اعداد الميثاق ، وعضواً في المؤتمر الإفريقي الآسيوي و امين سر اللجنة من عام 1961 - 1965 ، و أمين الجامعات بالاتحاد الاشتراكي العربي وقت حكم عبد الناصر ليترك مصر الى لبنان في عام ١٩٦٨ على اثر منع موسي صبري نشر مقالٍ له يدافع عن استقلال الجامعة ، وقد ظل الى جانب كونه استاذا بكلية الاقتصاد و العلوم السياسية استاذاً زائراً في كلٍ من كلية الحقوق و التجارة ، واكاديمية ناصر العسكرية و معهد الدراسات الاسلامية و كلية البوليس ( الشرطة حالياً) ، كما عمل استاذاً و وكيلاً لجامعة بيروت العربية ؛ التي شارك في تأسيسها مع الاستاذ الدكتور كامل ليلة ؛ منذ عام 1968 حتى عام1970 و ظل بعد ذلك استاذا زائراً بها حتى قيام الحرب الاهلية ، كما عمل استاذاً زائراً في كثير من الجامعات العربية الاخرى في مختلف الاوقات منها : جامعة الخرطوم ، جامعة الكويت ، جامعات العراق كما شارك في تأسيس جامعة ابو ظبي و عمل استاذا زائرا بها ، ثم عين رئيساً لقسم الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، عام 1970 ، انتخب عميداً لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، للمرة الاولى في عام 1971 ، ثم مرة اخري رئيس لقسم الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية عام 198 ، ثم تم انتخابه للمرة الثانية عميداً لكلية الاقتصاد و العلوم السياسية في 1982.

المناصب السياسية:

تم اختياره من قبل الرئيس محمد أنور السادات في منصب وزير برئاسة الجمهورية و امين الدعوة والفكر بالاتحاد الاشتراكي العربي في عام 1972 ، ثم عين في عدة مناصب سياسية تقلدها، عين في العام 1975 في منصب نائب رئيس وزراء برئاسة الجمهورية ، كما انتخب أمينا للاتحاد الاشتراكي العربي من العام 1975 و حتى 1976 قدم فيها ورقة اكتوبر التي اقيمت على اساسها المنابر السياسية تمهيدا لعودة الاحزاب و كي تكون نواةً لها ، حذر بشدة و هو امين الاتحاد الاشتراكي العربي من ظاهرة نشوء طبقة جديدة من رجال الاعمال بدت و قد تضخمت ثرواتهم و اسماهم "القطط السمان" و قال نحن نريد ان ننشئ مجتمع الملايين لا مجتمع اصحاب الملايين ، و كان حائلا دون تغيير مدة الرئاسة حين تقدم الاستاذ يوسف مكادي و الاستاذ محمد حامد محمود و الشيخ الباقوري سنة 1976 اليه بطلب تمديد مدة الرئاسة فوقف في اجتماع اللجنة المركزية بأعضاء المنابر السياسية و قال فولان و فولان و فولان تقدموا بكذا و كذا و هذا الأمر يشكل ازمة دستورية و سنقوم بتشكيل لجنة لبحثه (و من المعروف انك اذا اردت تعطيل امر شكل له لجنة ) و بالطبع اودع الطلب الدرج و لم يرَ النور في عصره .

وكان آخر من شغل هذا المنصب فبعد الاستغناء عنه تم حل الاتحاد الاشتراكي العربي نهائيا ، في عهد الرئيس محمد حسني مبارك عام 1984 ، تولي منصب رئيس مجلس الشعب المصري- البرلمان وحتي اغتياله خلال عملية نفذها مسلحون أعلي كوبري قصر النيل في صباح يوم 12أكتوبر لعام 1990، أمام فندق سميراميس في القاهرة

النشاط السياسي والاقتصادي والاجتماعي

كان عضواً في لجنة اعداد الميثاق ، و عضواً في المؤتمر الإفريقي الآسيوي و امين سر اللجنة من عام 1961 ، عضو مجلس جامعة بيروت العربية "لبنان " ، و جامعة دمشق " سوريا" عام 1968 / 1970 ، شارك في وضع دستور 1971 ، اختير سكرتيرًا أول للجنة المركزية للتنظيم السياسي «الاتحاد الاشتراكي العربي» عام 1972/ 1974 ، و مستشاراً للشيخ زايد آل نهيان من 1977 حتى 1984 ، انشأ بالمشاركة مع دكتورة عائشة راتب د. زكي الشافعي و دكتور ثروت بدوي و دكتور سمير الشرقاوي مكتباً للاستشارات الاقتصادية و القانونية و الدولية ، عضو المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية سابقا، ومقرر اللجنة الاقتصادية ، عضو المجلس القومي للإنتاج ، عضو المجالس القومية المتخصصة ، نائب رئيس الحزب الوطني ، عضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والإحصاء والتشريع ، رئيس لجنة ترقيات الأساتذة بجامعات مصر ، المستشار القانون لرئيس جامعة القاهرة ، المستشار القانون لمجموعة " هيلز اند هل العقارية نجلترا" ، منظم و رئيس المؤتمر الاقتصادي الأول بجامعة القاهرة عام 1982 في عهد الرئيس الراحل مبارك ، وأصبح بعدها المستشار الاقتصادي لرئيس الجمهورية حتي نهاية عام 1983 ، و بعد ذلك إلى مجلس الشعب كعضو ، ثم انتخب رئيس لمجلس الشعب المصري وأصبح الرجل الثاني في مصر حتي اغتالية عام 1990.

اغتيال المحجوب ادى لتغيير شكل الحياة في مصر من الاشتراكية إلي الرأسمالية ومن القطاع العام إلي الخصخصة، وما ضاعف من تأثيره أن نظامي حكم الرئيسين أنور السادات وحسني مبارك كانا يحترمانه ويأخذان باقتراحاته ويستجيبان لنصائحه.. فهو عالم في تخصصه.. مؤثر في شخصيته جرئ في تصرفاته.

التكريم والجوائز

وسام الجمهورية من الطبقة الرابعة 1959 ، جائزة الدولة التشجيعية في العلوم الاجتماعية من المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، عام 1963 ، وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى 1963 ، وسام الجمهورية من الطبقة الأولى 1975 ، جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية من المجلس الأعلى للثقافة ، عام 1980 ، و قد منحه الرئيس السادات وشاح النيل في نفس العام 1980 ، و منح الرئيس مبارك اسم الدكتور المحجوب قلادة الجمهورية عقب اغتياله في اكتوبر 1990 ، كما حصل الدكتور المحجوب على العديد من الاوسمة منها من ملكة الدنمارك و من ملكة السويد و رئيس الصين و روسيا و الهند و أمريكا و إنجلترا و كوريا و دول عديدة تصل الى أكثر من 63 وسام و قلادة و شهادات تقدير و دروع علمية مرموقة .

مؤلفاته ومقالاته

تزيد عن ٢٥ كتاباً منها ثلاثة بالفرنسية و اسماؤها كالآتي : السياسة المالية وتحديد سعر الفائدة بغرض تحقيق توازن التشغيل الكامل 1953 ، موسوعة الاقتصاد السياسي في خمسة اجزاء (١، ٢ ،٣ ،٤ ،٥ جزء) ، المالية العامة "النظرية و التطبيق" ، الطلب الفعلي "مع دراسة خاصة بالبلاد الآخذة في النمو" (الكتاب الحائز على جائزة الدولة التشجيعية عام 1963) ، الاشتراكية ، النظم الاقتصادية ، ثلاث سياسات مالية ، تاريخ مصر الاقتصادي ، النظام الاقتصادي الاشتراكي ، تطور النظام الاقتصادي ابتداء من ١٩٥٢ ، العدالة الاجتماعية طريق السلام الاجتماعي ، المنتج و المستخدم ، معجل الاستثمار ، تاريخ النقود و البنوك ، النظام الاشتراكي في الجمهورية العربية المتحدة 1964 ، إعادة توزيع الدخل القومي من خلال السياسة المالية 1964 ، الكفاية الإنتاجية ، حسابات الدخل القومي ، موقف الدول الاخذة فى النمو من اصلاح النظام النقدي العلمي ، مصر والسودان ومنطقة الاستريني ، دراسات اقتصادية إسلامية 1979، حرب اكتوبر "حقائق و نتائج ، نظريات سقطت ، العودة الى الحجم الطبيعي ، فن ادارة الصراع" ، الانسان الجديد ، هذا بالإضافة إلى كتاب التربية القومية و الوطنية لطلاب مدارس مصر منذ عام 1965إلى 1984 عام .

له العديد من المقالات المنشورة في مجلة القانون والاقتصاد، كان له دور كبير في تأصيل مفهوم الاشتراكية العربية بالإيضاح عن معالم النظام الاشتراكي في الجمهورية العربية المتحدة ، له دراسات في الاقتصاد الإسلامي يعتمد عليها اعتمادا أساسيا طلاب الدراسات العليا في هذا الفرع من فروع الدراسات الاقتصادية.

 

مواقفة من الخصخصة والجامعات الاهلية 

في فبراير 1988 نشبت مواجهة بينه وبين وزير السياحة في ذلك الوقت ــ الذي كان أول من نادي بالخصخصة ــ تحت قبة البرلمان بسبب هدم وبيع أرض فندق سان ستيفانو في الإسكندرية.. وقال وهو رئيس لمجلس الشعب: "اليوم حنسمح ببيع الفنادق، بكره نسمح ببيع المصانع والشركات والمستشفيات" . 

كما عارض رفعت المحجوب بشدة انشاء الجامعات الاهلية و وقف حائلا دون حدوثها و اتهمهم بان هدفهم تخريب التعليم و التفريط في المجانية ، كان يعتز بالتدريس في الجامعة و يقدسها و يعتبرها بيته الثاني و لم يتوقف طوال حياته حتى وفاته عن التدريس بالجامعة حتى اثناء عمله بالسياسية . ظل مدافعاً عنها و عن مبادئها و عن استقلالها و عن مجانية التعليم و عن ان التعليم حق من حقوق كافة ابناء الشعب و ظل هكذا حاميا لمكاسب الثورة حتى اغتالته يد الغدر ، ولن تنساه ذاكرة التاريخ ابدأ مهما طال الزمان . 

نسألكم قراءة الفاتحة والدعاء له، رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته .

 

الأبناء المخلصين لأبويهم: «د. امنية رفعت المحجوب، د. ايمان رفعت المحجوب، د. أيمن رفعت المحجوب، اميرة رفعت المحجوب» .