اهم الاخبار
الثلاثاء 10 يونيو 2025
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

الفن

النقاد يشيدون بأداء بيرجي أكلاي في المسلسل التركي "لا تبكي يا أمي" ... و شخصية داملا تحير المشاهدين

24
24

كتبت : داليا محمد

رغم ما يعانى منه المسلسل التركي "لا تبكي يا امي" من انخفاض كبير في نسب المشاهدة، ما يهدد بوقف عرض المسلسل إلا انه استطاع أن يتخطى تلك العقبة بعد ما حققته الحلقة السادسة من ارتفاع في نسب المشاهدة ما أعاد الحياة للمسلسل حيث وصلت نسبة مشاهدة الحلقة السادسة إلى 4.25 وهى نسبة جيدة جداً ليوم الاحد العطلة الأسبوعية فى تركيا وعادةً لا تزيد نسب مشاهدات مسلسلات العطل الرسمية مقارنة بالأيام العادية بسبب مباريات كرة القدم والبرامج التلفزيونية، إلا أن تلك النسبة الكبيرة والتطور الملحوظ فى نسب مشاهدات المسلسل انقذته من وقف عرضه، حيث أن القناة اعطت المسلسل مهلة حتى شهر ديسمبر إذا لم ترتفع نسب مشاهداته سيتم سحبه من القناة لمنع المزيد من الخسائر.

و تدور قصة المسلسل حول صراع الامومة بين شقيقتين، وتبدأ القصة عندما قامت داملا بتبني بنت اختها اليف غير الشرعية، والتي حاولت اليف ان تقتلها، ولكن تم انقاذ هذه الطفلة في اللحظة الاخيرة، وتم سجن اليف لارتكابها هذه الجريمة البشعة في حق طفلتها، وقررت داملا اختها تربية هذه الطفلة البرئية، وكرست حياتها لها، فأصبحت أم دون أن تلد، و بعد مرور 18 عام تخرج اليف من السجن، و تطالب "داملا" شقيقتها باستعادة ابنتها زينب التي حاولت قتلها في الماضي، و هنا يبدأ الصراع على الابنة بين اليف و داملا، حيث ترى كل واحدة منهن انها الأحق بزينب، كما يعرف عدنان بشأن ابنته بعد 18 عام ايضاً من ولادتها بعدما أخفى عنه والده هذا السر طيلة هذه السنوات و يتقابل عدنان مع داملا من أجل ابنته لتحدث العقدة الثانية و هي وقوع داملا في حب عدنان بعدما ظلت سنوات محرومة من الحب و العطف، فيما تعرف أليف بذلك و تغضب من شقيقتها ليس لأنها مازالت تحب عدنان بل لأنها تراه من حقها، فما يربطها به ليس حباً و انما حقاً، حق كل ما سببه لها من خسائر فادحة لن تستطيع تعويضها أبداً، ليصبح صراع الشقيقتان ليس من اجل الابنة فقط و لكن من أجل الحبيب المشترك أيضاً.

و بعيداً عن أنخفاض نسب المشاهدة إلا ان مسلسل "لا تبكي يا أمي" يُعد من روائع الدراما التركية و من أجمل ما قدمت خلال عصرها الذهبي الذي تعيشه الآن، فقصته الأكثر من رائعة وحبكته الدرامية المتماسكة و سرعة الأحداث و تلاحقها بشكل لا يعطي للمشاهد اي فرصة للملل، و هذا ما تفتقده الدراما التركية عادةً إلا ان مسلسل "لا تبكي يا امي" تغلب على هذا الخلل الذي أصاب جميع الأعمال التركية المعروضة في هذا الموسم، كما أنه يعج بالمشاعر الجميلة و المشاهد المؤثرة التي تلمس قلوب المشاهدين، خاصة و انه يعرض قضية حساسة و شائكة و هي وضع البطلة في موقف لا تحسد عليه نتيجة خطيئة ارتكبتها ظلت تدفع ثمنها طوال عمرها، فالمسلسل يساعد على توعية الفتايات و كذلك يقدم رسائل قوية إلى الأباء الذين يتخلون عن ابنائهم و يتعاملون معهم بجهل و يتسببون في ضياع مستقبلهم و تربيتهم على الخوف و العقد التي تتناقل من جيل إلى جيل ما يسبب ضياع أجيال بدلاً من وقوف جيل خلف جيل.

لنجد عدة نماذج من الاباء الذين تسببوا في تدمير ابنائهم بدلاً من أن يكونوا عوناً لهم، فمثلاً والد اليف و داملا المتعجرف و المتغطرس الذي يتعامل مع بناته بعنف زائد عن الحد لا يهمه إلا شرفه الظاهر للعيان لدرجة ان يتبريء من ابنته لينقذ سمعته فأضاع واحدة و زرع عقدة داخل الثانية تلازمها طوال حياتها، و والد عدنان المتسلط على مشاعره و حياته و يحركه كأنه لعبة بين يديه و يرى فيه مجرد وسيلة لضمان مستقبله و مصلحته الشخصية فيخفي عنه كونه له ابنة لمدة 18 عام، بل و يزوجه من امرأة لا يحبها من اجل المال و هي أم مستهترة و مضطربة نفسياً تلجأ لتخدير ابنتها لتستريح من ضوضائها حتى كادت تقتلها ذات مرة، و هي نفسها ابنة لأب أصبحت ضحيته بعدما أساء تربيتها حين دللها بشكل زائد عن اللزوم فما من شيء ترغبه إلا و يشتريه لها حتى الرجل الذي احبت اشتراه لها بأمواله التي يسيطر بها على عائلة عدنان، فأصبحت كتلة انانية و تحول حبها لزوجها إلى رغبة في الامتلاك ليس إلا، ما جعله يكرهها مع الوقت.

ليرى في داملا الصورة التي يفتقدها في زوجته و كذلك تفتقدها أليف الأم القاسية التي حاولت التخلص من ابنتها لتصبح داملا في نظره ملاكاً و أماً مثالية يتمنى لو كانت زوجته و أماً حقيقية لإحدى بناته.

و كذلك نجد عدنان و داملا و اليف مشتركون في عدم تحمل المسؤلية تجاه ابنتهم المشتركة زينب فكلاً منهم يريد ضمها إليه و الاحتفاظ بها ليس من أجلها و أنما من أجله هو ارضاءً لأنانيتهم دون عمل أي اعتبار لنفسية تلك الابنة المحطمة من الاساس، فرغم ان عدنان يُعد شجاعاً بقدر كبير و أباً مسؤولاً واجه خطأه و لم ينكر ابنته، بل و يحاول التودد منها و لكنه كان غير مسؤول في قراره باخبارها الحقيقة في ذلك الوقت بالتحديد و هي في أزمة بعد فصلها من الجامعة، ليحطم نفسيتها و يدمرها تماماً، فكل هذه الخيوط الدرامية المتلاحمة مع بعضها في سياق رائع جعلت المسلسل يحصل على اشادات واسعة خاصة أداء النجمة بيرجي أكلاي بطلة العمل، حيث قالت عنها القناة العارضة للمسلسل "ATV" : لقد كان الجميع اسيراً لتمثيل "بيرجي" في مسلسل "لا تبكي يا أمي" حيث انضم الجميع للشاشة لمشاهدة العمل خاصة في مشهد محاسبة اليف لوالدها، و جملة أليف التي قالتها "لن اموت قبل ان اسمعها تقول لي يا أمي" كانت واحدة من المواضيع الاكثر حديثاً على مواقع التواصل الاجتماعي فتمثيل "بيرجي" جعل المشهد جميلاً جداً.

كما اشاد الناقد "جنكيز اوغلو" بأدائها قائلاً : الجميلة "بيرجي اكلاي" ابدعت كثيراً في شخصية "اليف" و قدمت اداء ممتاز جدا في مسلسل "لا تبكي يا امي"، ممثلة رائعة تعيش الشخصية بكل تفاصيلها، لا تهتم كيف سيكون شكلها، و لكن المهم لديها هو كيفية تقمص الشخصية، حيث اقنعتني كثيراً في مشاهد البكاء، و جعلتني اشعر أنها ام تبحث عن امومتها بالفعل، انها ممثلة موهوبة للغاية.

و لكن كان لشخصية داملا النصيب الأكبر من تعليقات المشاهدين حيث حيرت تلك الشخصية الجماهير بسبب تناقضها في كثير من الاشياء فهي تبدو طيبة و هادئة و مثالية إلى حد كبير و لكن هل هذه هي حقيقتها؟ فكيف تساعد عدنان في التقرب من ابنته و ترى أنه من حقه و لكن في الوقت نفسه تكشر عن أنيابها لشقيقتها إذا اقتربت من زينب، بل و تقع في غرام الشخص الذي دمر حياة شقيقتها و دون أي مجهود منه فنظرة واحدة و اهتمام قليل بها انهارت مشاعرها امامه و سلمت له قلبها دون مراعاة مشاعر شقيقتها، كما انه توجد بعض الاشارات في الحلقات التي تنم عن اخفاء تلك الشخصية لسراً كبيراً أو عقدة كبيرة في حياتها ظهرت حين قالت لها اليف "لقد صنعت بيتاً من بيت الأب و الابنة من الاخت" و كذلك صمتها الذي أذهل المشاهدين حين قال لها والدها "إذا كنتي ملهوفة على الأمومة هكذا لماذا لم تتزوجي و تنجبي"؟

فأقنعت نفسها و تحاول اقناع كل من حولها بصورة المرأة المثالية التي ضحت بحياتها من أجل ابنة اختها، و هي في الحقيقة تخفي الانانية المفرطة و حب الذات و الشعور بأمومتها الكاذبة على حساب شقيقتها تحت ما تدعيه بالمثالية و التضحية، و بالطبع شتكشف الحلقات القادمة عن سر هذه الشخصية المعقدة.