الكتاب المهجور .. أمة تخون وعدها مع الله وأمراء الدم يدفنون النور تحت ركام الروايات
فبأي حديث بعد الله وآياته تؤمنون ؟ سؤال إلهي يهز عرش أهل الشيطان .. " ومضات على الطريق " تاج الفكر التنويري

" القرآن الكريم " ليس كتاباً يُقرأ فحسب .. بل صرخة وعي تهدر في صمت العقول .. توقظ القلوب من غفلة طال أمدها .. ثم .. ثم تعيد للروح بوصلتها نحو الحق والنور .. إنه نداء إلهي يزلزل حصون الزيف ويقتلع جذور الانحراف من تربة الفكر المتطرف .. " القرآن الكريم " هو الكلمة الفصل .. والنبراس الهادي .. ومصدر النور الذي لا ينطفئ مهما تكاثفت حوله ظلمات الجهل والزور .
" كلام الله " ليس مجرد مرجع .. بل هو الميزان الذي يعيد للإيمان اتزانه وللإنسان قيمته وللحياة معناها .. فلا مرجعية تعلو على مرجعية الوحي .. ولا شريعة تُقدَّم على شريعة الرحمن.
ومن يتأمل كتاب " ومضات على الطريق " يجد بين سطوره نبض الحقيقة .. ووهج الفكرة التي صاغها المفكر العربي الكبير علي الشرفاء الحمادي لا كـ مجرد أطروحة فكرية بل كـ صرخة استنهاض ومشروع إنقاذ .. و .. و محاولة جريئة لـ تصويب الخطاب الإسلامي وتخليصه من شوائب الكهنوت .. لـ يعود الإسلام كما أراده الله رسالة رحمة وعدل وهداية للعالمين .
لقد بدأ الانحراف الحقيقي حين ارتد اهل الإسلام عن نور الوحي .. إذ يكشف كتاب " ومضات علي الطريق " كيف تم تجريف الرسالة المحمدية ؟ .. وكيف تم تحويلها من نهر صافي يفيض بـ العدل والحرية إلى مستنقع دماء وفتاوى ضالة ؟ .. رسالة إلهية اغتالتها عقول صدَّرت للناس روايات ظنية مشبوهة إستندت إلى إسرائيليات كذوبة .. ونسبت زوراً إلى نبي الرحمة وإلى صحابته الأجلاء .. حتي تمكن أعداء الدين من رسالة القرآن التي نزلت كي تحيي الناس .. وحولوها إلى مطية للفتنة وأداة لـ شرعنة القتل والاستعباد .. وبرزت علي السطح فرق مارقة تم تسليحها بـ أحزمة ناسفة وتغذيتها بـ عقائد تكفير وتفجير .. تسفك وتعيث في الارض فساداً وخراباً.
ولا يتحدث كتاب " ومضات علي الطريق " عن انحرافات فردية أو حالات شاذة .. بل يسلط الضوء على منظومة متكاملة من التضليل الممنهج .. بدأت بـ تدوين كتب معبأة بـ المرويات المدسوسة رسخت للمذهبية والطائفية .. وقسمت الأمة إلي شيعاً ومذاهب متناحرة متقاتلة .. حتي تحول الخطاب الديني عند هذة الطوائف من وسيلة للهداية إلى منصة للحكم على عقائد الناس وسفك دمائهم .. في استباحة فاجرة لا سند لها في كتاب الله .. بل تعارض صريح ما يقوله الله تعالى في محكم تنزيله : " وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقّ " .. صدق الله العظيم .
نعم أنه تيار ظلامي استحوذ عليه الشيطان .. حتي أنسي الناس ذكر الله فخسروا الدنيا والآخرة .. وهنا لا يكتفي كتاب علي الشرفاء الحمادي بـ التنديد بل وضع أصابعه على موطن الوجع .. وهو الانحراف عن القرآن الكريم واتخاذ الروايات التراثية المدسوسة بديلًا عن خطاب الله الواضح المبين .. حتي سقطت الأمة رهينة فتنة مستدامة لا تنطفئ .. وتحول دين الله من مصدر للتحرير إلى أداة للاستعباد العقائدي والسياسي .
في ومضة تنويرية صادمة، يستدعي الشرفاء الحمادي في كتابه قول الله سبحانه وتعالى: " وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا " .. صدق الله العظيم .. لـ يجعل منها مفتاحاً لفهم حال الأمة التي هجرت كتاب ربها .. واتخذت بدائل ً العمائم وأمراء الفتن .. مؤكداً علي أن الانفصال العقلي والعاطفي عن القرآن جعلنا لقمة سائغة في يد الطغاة والمتربصين .. وسمح للروايات الملفقة أن تُمارس سطوتها على العقول .. فـ تبرر الغزو وتشرعن الاستبداد .. و .. و تدمر المجتمعات بـ اسم الدين .
انها خارطة طريق عقلانية مستنيرة يدفع بها علي الشرفاء في كتابه " ومضات علي الطريق " .. خارطة تخرج بنا من النفق المظلم .. فـ لا خلاص للأمة إلا بـ العودة إلى الخطاب الإلهي لا بوصفه مصدراً وحيداً للتشريع .. بل بـ اعتباره المنهج الكامل للحياة .. من خلاله تتحقق العدالة وتصان الحريات وتُحترم إنسانية الإنسان .. و .. و يُغلق باب الفتنة .
وهنا يستدل الشرفاء في كتابه بـ ما جاء في القرآن إذ يقول الله عز وجل في محكم التنزيل : " اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَاتَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ " .. صدق الله العظيم .. وأحسب انها آية صريحة وخطاب رباني تتجلى فيه ضرورة القطيعة الكاملة مع شيوخ الروايات ومفسري السوء .
أن الصراع المتطرف المنسوب ظلماً وبهتاناً إلى دين الإسلام .. أنتج لنا مآسي وهدم مساجد وحرق كنائس وأفني أبرياء شرفاء .. صراع جاء نتيجة خلط جائر بين الوحي الإلهي والرواية البشرية .. حتي تحولت الكلمة إلى جريمة والاجتهاد إلى سيف والعقيدة إلى قنبلة .. و .. و هكذا تمكن منا أعداء الإسلام وصنعوا لنا ديناً موازياً مزيفاً .. يُخيف الناس بدلاً من طمأنتهم .. يقتل الأبرياء بدلاً من أن يحفظ حياتهم .
ولعل أولى خطوات الخلاص من براثن هذا الشيطان الأشر .. هي تحرير الدين من خاطفيه والرجوع إلى الله مباشرة من خلال كتابه المبين " القرآن الكريم " .. دون وسطاء و دون كهنة ودون أوصياء .. فـ كل محاولة لـ إصلاح الخطاب الإسلامي ستظل عبثية ما لم تُبنَ على أساس العودة للقرآن وحده كـ مرجعية وكـ منهاج وكـ كلمة فاصلة بين الحق والباطل .
" ومضات على الطريق " ليس مجرد كتاب .. بل إنذار مبكر وصرخة ضمير .. يُشعل في العقل جذوة السؤال : متى نكف عن عبادة النصوص التي لم يُنزّل الله بها من سلطان ؟ .. متى نكسر قيد الوصاية عن القرآن ؟ .. متى نعود إلى الأصل ونُعرض عن الزيف ؟ .. متى نرفع شعار : " فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ " ؟ .
إنه نداء عاقل في زمن صاخب .. نداء يستحق أن يكون منهجاً للإصلاح الحقيقي .. نداء لا يُهادن أحداً .. ولا يُرائي أحداً .. بل يُناشد فطرة الإنسان السليمة ويضعها على طريق النور .. طريق القرآن الكريم .. طريق الله وحده لا شريك له .. اللهم إني قد بلغت .. اللهم فاشهد .