خالد العوامي يكتب من أبوظبي : أنا .. وحفيدة الشيخ زايد

في مهمة عمل صحفية استغرقت قرابة الـ 8 أيام بـ العاصمة الإمارتية أبوظبي .. أتيحت لي فرصة اجراء حواراً صحفياً مع حفيدة الشيخ زايد .. " الشيخة روضة بنت نهيان بن زايد آل نهيان " .. ولا أخفيكم سراً ففي بادئ الأمر ترددتُ كثيراً .. بل كدت أرفض من الأساس .. كيف لي أن أجري حواراً مع طفلة لم تتجاوز الثانية عشرة من عمرها ؟! .. وأنا الذي حاورت كبار الساسة والوزراء .. وحاورتُ قادة دول وخضتُ أعقد الملفات مع كبار المسؤولين .. أأتراجع اليوم لأتحاور مع طفلة ؟! .. فقط لأنها حفيدة الشيخ زايد وتنتمي إلى الأسرة الحاكمة في الإمارات .

في البداية قلتها لنفسي وبوضوح : " لا .. مستحيل أن أُجري هذا الحوار " .. لكنّ في لحظة عابرة وسريعة كوميض برق جعلتني أعيد التفكير .. ولمَ لا ؟! .. لما لا أخوض التجربة ؟ .. لما لا أحاول إكتشاف ما وراء الصورة ؟ .. إن كانت فارغة فلن أخسر شيئاً .. وإن كانت ممتلئة فقد أكسب عملا مهنياً مميزاً .

ولا أخفيكم سراً .. فقد دخلتُ الحوار وذهني مشتت .. مشحون بتحفظ مهني .. قلبي نصف مغلق .. مرتبك من فكرة أن أتحاور مع طفلة .. جلست أمامها فلم أجد طفلة .. بل وجدت حضوراً يتجاوز الأعمار .. وكلام فيه وقار الكبار .. وجدت ملامح طفولة لكن بداخلها عمقاً وثقافة لا تُقاس بالسنوات .

وعندما دارت ماكينة الحوار .. استمعت لـ ردود رصينة وأفكار مرتبة .. كلماتها تخرج بثقة لا تتوفر إلا في عقل ناضج .. مزيج مبهر من البراءة والوعي .. من العفوية والنضج .. من الطفولة والمهابة .
نعم أعترف أن حديثها ادهشني وذكاؤها أربكني .. ثم .. ثم خرجتُ من الحوار مذهولاً مأخوذاً بما رأيت وسمعت .. فثقافتها تسبق عمرها بأميال .

.. ولقد فتشت ورأيتُ لقاءاتها المصورة مع وكالات الانباء المحلية والأجنبية .. فإذا بها تتحدث بكل طلاقة وجرأة أمام الكاميرات وبأكثر من لغة .. قبولها ساحر .. حضورها طاغ .. ثقتها بنفسها صلبة لا تتزعزع .
.. و .. و لعل ما شدّني أكثر من كل شيء .. هو تواضعها الممزوج بكبرياء النبلاء .. وشموخ العراقة .. إعتزاز بلا تكلف بشخصيتها واسمها .. لم أكن أعلم أن طفلة بهذا العمر يمكن أن تُربكني مهنئاً وتقلب المقاييس رأسًا على عقب .. وتفرض نفسها لا كحالة عابرة بل كإسم يستحق أن يُكتَب عنه .. وشخصية تستحق أن تتحاور معها .. ليس مجاملة بل استحقاق .

الشيخة روضة بنت نهيان بن زايد آل نهيان عضو برلمان الإمارات للطفل وسفيرة القراءة لـ عام 2025 .. طفلة زلزلت غروري المهني .. وأعادت صياغة كثير من المفاهيم بداخلي .. تجربة لن أنساها .. فالحديث معها لم يكن لقاءً صحفياً .. بل كان اكتشافاُ مذهلًا لقوة الحضور حين يسكنه الجوهر .
كاتب المقال : مدير تحرير بوابة أخبار اليوم ورئيس تحرير الوكالة نيوز