اهم الاخبار
الأربعاء 24 أبريل 2024
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

بأقلامهم

أيمن رفعت المحجوب يكتب : هو فيه حرمة بـ تطير ؟!

الوكالة نيوز

صادفتني إحدى طالباتي فى الجامعة ممن تخرجوا منذ أكثر من خمسة عشر عام ، و فى حديث شيق دار بيننا ، عرفت انها ( وهي من الجنس الناعم ) تركت مجال الاقتصاد ، و اتخذت مسلكاً اخر  فى حياتها العملية،  و هو الطيران المدني ، و كم كنت سعيداً بها و بتلك الخطوة الجريئة ،  حيث عشت سنين طوال ادرس الطلابي بالجامعة و عن اقتناع ان عندنا فى مصر  مجالات عمل  يحب أن تقتحمها المرأة ،  مثلما هو الحال فى أغلب دول العالم المتقدم و حتي بعض  الدول النامية والأخذة في النمو، إلا أن بعض التقاليد والعادات المصرية العفنة كانت و مازلت لفترة تحول دون وصول المرأة  إلى تلك الوظائف ، و منها الطيران المدني والحربي وبعض الوظائف فى القضاء و قطاعات اخري متعددة .

والحق انتابني الفضول و استرسلت الحديث معها لفترة طويلة ( وهذا ليس من طبعي مع طلابي بشكل عام) ، إلا أن طبيعة عملها أثارت فضولي لأبعد درجة ، فسألت فى كل التفاصيل و كيف ولماذا و منذ متي ....الخ  من نوع تلك الأسئلة المملة لها ( حسب تقديرى) ، والحق كان الهدف ليس فقط الرغبة فى المعرفة من باب حب الاستطلاع ، بل أيضا الاستفادة فى مجال تخصصي الدقيق فى المالية العامة فرع ، ( عدالة توزيع الدخل - و التمييز بين الجنسين فى سوق العمل ) .

وبعد أن قصت عليً الحكاية كاملة،  و كنت فخوراً  بما وصلت إليه من مكانة بين الطيارين الرجال المصريين، 
وأنها  الان " كابتن طيار " فى إحدى الشركات المصرية مع عدد لابأس به من السيدات فى هذا المجال ، وقلت فى نفسي ( عمار يا مصر ) اننا نلحق بالمعاصرة و الحمد لله ، ثم تطرقنا إلى حديث الذكريات و نوادر رحلات الطيران التي تقوم بها والمفارقات والمواقف التي تعرضت إليها خلال فترة عملها السابقة منذ ان التحقت بمجال الطيران المدني ، و كالعادة كان الحديث ممتع جداً ، حول ما ذكرت من من  مشاكل الطيران العادية و كيفية التعامل معها بحرفية ، الى جانب بعض المخاطر التي يتعرضون لها ، هذا بالإضافة إلى استغراب بعض الركاب عند معرفتم انها هناك ( سيدة ) تقود الطائرة بهم ، حيث يكثروا من الدعاء والصلاة .. مثلاً ....الخ من تلك الأمور التي تحدث لاغلبنا نحن معشر الرجال ( فى المجتمعات الذكورية) ، حينما نجلس في سيارة تقودها سيدة، ما بالك فى طائرة !!!

ولكن  الطريف فى الموضوع و المحزن فى نفس الوقت  أيضا، ما روته لي عندما كانت فى رحلة منذ حوالى شهر إلى المملكة العربية السعودية ، و قبل الهبوط ، وحسب الإجراءات المتبعة ، يجب أن يخطر الكابتن برج المراقبة بالوصول ، لتحديد مهبط النزول ، و علمت منها أيضا أن التخاطب يجب أن يكون باللغة الإنجليزية، وذلك لأن المجال الجوي به العشرات من الطائرات من دول مختلفة ، و اللغة المعتمدة بين الطيارين و ابراج المراقبة هي اللغة الانجليزية ، فى حالة اقلاع و هبوط ، حتي تتمكن  كل الطائرات من بلاد العالم ان  تتواصل جميعاً و يفهم بعضهم البعض ، حتي لا تحدث كوارث لا قدر الله .

و ما ان تحدثت بصوت انثي إلى برج المراقبة بمطار المملكة ، - وقالت باللغة الإنجليزية ، نحن على مشارف الهبوط حدد لنا المسار ، ورد عليها ضابط أو مهندس البرج وقال باللغة العربية ، انتي حرمه ، فقالت بالانجليزية ، معك كابتن طيار فلان الفلاني ، رحلة رقم كذا ، ونطلب إذن بالهبوط حسب الجدول المحدد ، فقال مرة أخرى بالعربية ، انا لا اكلم سيدات ( صوتك عورة) انا عاوز راجل اكلمه بلاش هزار ، و حيث أن الوقت قد أزف و الطائرة على مقربة من مهبط المطار ، تحدثت إليه مرة أخرى بالإنجليزية ، ولكن تلك المرة بصوت أجش جاد جدا ،

وقالت ، انت تعرضنا جميعا للخطر وسوف أقدم فيك شكوى ان لم تحدد لى رقم المهبط ، الذي سوف تهبط فيه الطائرة الان الان ، و بعد أن هبطت الطائرة بسلامة الله ، تقدمت إلى مطار المملكة بشكوى ضد هذا الموظف الرجعي فاقد الزمن و التحضر ، والذى كان يجب أن يرعي الغنم فى إحدى صحارى المملكة ، وتم تحويله الى  التحقيق  و كانت آخر كلماتة لها ، " عشنا وشفنا " ،  اسف فى التعبير ( نسوان تقود طائرة ) ليه هو الرجال خلصم من العالم ، روحي اطبخي لزوجك.

تذكرت يوماً المواطن الخليجي الذى توقف عن التعامل مع البنوك لأن ماكينة الصرف الآلي( ATM ) ، الكومبيوتر الذى بداخلها يتحدث بصوت امرأة ،  فقرر أن تعامله مع الماكينة يحمله ذنوب،  فعزف عن التعامل مع البنوك بشكل عام .

وفى النهاية ان كان لي حق التعليق ، و ذلك حباً فى المملكة العربية السعودية ، اود ان أناشد جلالة الملك سلمان و سمو ولي العهد محمد ابن سلمان ووزير الطيران السعودى  ان يجعلوا بإعادة هيكلة كوادر  العاملين فى الدولة فكرياً و ثقافياً ، حتي يواكبوا المعاصرة والتطور التي تشهد المملكة العربية السعودية الشقيقة ، والذى نفخر به ، والتي نعتبرها وطننا الثاني ،
مسقط رأس اشرف الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .

اقرأ أيضا..