اهم الاخبار
الأربعاء 04 يونيو 2025
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

الفن

المسلسل التركي "الغراب" الحلقة الأخيرة..نهاية سعيدة غير متسقة مع الأحداث

مسلسل الغراب
مسلسل الغراب

انتهت حلقات المسلسل التركي "الغراب" بطولة باريش أردوتش و بورجو بيريجيك، يوم الأربعاء 16 اكتوبر الجاري، عند الحلقة الـ 21 بسبب نسب مشاهداته المتدنية للغاية التي حصل عليها في موسمه الثاني، الذي لم تتجاوز حلقاته الخمس حلقات.

كنت اعتبر مسلسل "الغراب"  من افضل ما قدمت الدراما التركية في عصرها الذهبي الذي تعيشه الآن، حتى نهاية موسمه الأول أو الحلقة 16، و إذا كان انتهى المسلسل بموت ديلا لكان بالفعل اصبح من افضل ما قدمت الدراما التركية في تاريخها على الاطلاق.

و لكن تفاجأ الجمهور بالنهاية السعيدة التي انتهت بها حلقات  الموسم الثاني، رغم عشق المشاهدين للثنائي كوزغون و ديلا، و امنيتهم أن يجتمعا في النهاية ، و أن يغفر كلاً منهم للآخر، و رغم انني احب دائماً النهايات السعيدة لقصص الحب،  إلا أنني لأول مرة لا اتقبل نهاية سعيدة لأحد الأعمال.

فهناك بعض القصص، لا يمكنك التنبؤ بنهاية سعيدة لها، حيث تؤدي جميع السبل إلى طرق مسدودة و مغلقة، فلا يمكن للحبيبان أن يجتمعا أبداً، و رغماً عن رغبة الجماهير تكون النهاية الحزينة حتمية و لا يمكن نهاية غيرها.

مسلسل "الغراب" كان يحكي قصة اثنين من النفوس الضائعة الذين لم يفهموا بعضهم البعض أبدًا ، على الرغم من أنهم أحبوا بعضهم البعض كثيراً، إلا أنهم لم يتراجعوا عن انتقامهم و عندهم، لم يتنازلوا عن كبريائهم، والأهم من ذلك أنهم لم يستمعوا إلى بعضهم البعض.

مشاعر الكره و الضغينة قمعت قلوبهم، و حرمتهم من عيش حبهم بالشكل الطبيعي له، فتحول الحب الطفولي البريء إلى زواج بالاكراه ، و العشق الكبير الذي يكتنف قلوبهم إلى كره و رغبة في الانتقام ليس إلا، و صداقة العمر و الطفولة إلى عداء عائلي لا ينتهي، لذلك كان الانفصال بين كوزغون و ديلا حتمياً.

يقولون أن كل قصة حب تستحق نهاية سعيدة، و لكن أنا أعارض  هذه المقولة بشدة، فوجود الحب وحده ليس كافياً ابداً لتحقيق السعادة، الحب فقط يسهل أشياء أخرى لابد من توافرها كي تكتمل قصة الحب، فالحب اختبار في التحمل و التضحية و التفاهم و قبل كل ذلك الحب صدق و مغفرة، و كي يتحقق كل هذا لابد من الصبر و الكفاح و النضال، الحب أن يواسي كلاً منا الآخر و ليس أن يكون كلاً منا جرحاً للآخر .

يظن البعض أن الحب هو شيء لا ارادي، مشاعر لا نملك تحديد مصيرها أو التحكم فيها و السيطرة عليها، و لكن الحقيقة هي أن شرارة الحب الأولى هي التي تولد دون ارادة منا بالفعل، و لكن مصير الحب هذا نحن من نتحكم به، فهل يمكن أن يعيش طفل رضيع دون اطعامه ؟ بالطبع لا، سيموت الرضيع دون اطعامه، كذلك هو الحب تماماً يحتاج من يطعمه كي يعيش و يكبر، علينا اطعامه بالتفاهم و الصدق و المصراحة و الحنان و الصبر و المغفرة،  لابد له أن يترعرع تحت سماء صافية و جو  نظيف و ليس بين الدماء و الثأر و الانتقام  و الدمار،  هكذا سيموت الرضيع لأنه لا يتحمل، و ايضاً الحب لا يتحمل ما يعكر صفوه و نقائه، و يموت سريعاً، لا يمكن لديلا أو لأي امرأة أن تغفر لزوجها أن يكون قاتل والدها، و متسبب في اعاقة لأخيها، و مدمرها نفسياً، لقد كنت اتعاطف مع كوزغون في البداية و أرى أنه تألم كثيراً.

و كنت اتمنى ان تنجح ديلا في فك حصاره على قلبه، و تخمد حقده و كرهه و تعالج جروحه و تطيب روحه، كنت اتمنى أن يتخلى عن انتقامه من أجلها، و لكن بعد اصراره على الانتقام، و تسببه في قتل والدها بهذه الطريقة البشعة و حتى أن لم يكن ينوي قتله هكذا، فهو ايضاً لم تكن نيته سليمة و كان ينوي الشر و السوء منذ  البداية، و بعد أن عرفت أن هناك موسم ثاني تمنيت أن تكون النهاية شيء من اثنين إما موت كوزغون عقاباً له على سيره في طريق الانتقام، أو أن تكون النهاية مثل نهاية الفيلم الامريكي "La La Land"، حيث افتراق الحبيبان و لقائها بعد خمس سنوات و كانت البطلة قد تزوجت من رجل آخر و انجبت منه طفلاً ، و البطل ظل على وفائه لحبه و لم يتزوج بعد حبيبته لأنه لا توجد امرأة أخرى يمكن أن تحل محلها، فهذه النهاية تناسب كثيراً قصة المسلسل، فانتهاء قصة الحب حتمي و إن كان بدون خسائر في الأرواح، فكوزغون خان العهد و الحب و قتل والد حبيبته و حسر قلبها عليه، رغم حبه الشديد لها، فكان لابد ان يتم حرمانه في النهاية من هذا الحب، عقاباً له على ما فعل من غدر و انكار لعشق امرأة كادت تفقد حياتها من أجله و دون تردد، كان لابد يحترم دينه لها و العمر الذي اعطته اياه.

Image

لم تعجبني النهاية قط ، كذلك المنعطف الدرامي في مسار القصة، فكانت بداية مسلسل الغراب عبارة عن قصة انتقام يتخللها قصة حب، لكنها تحولت إلى قصة حب و عشق شخصين كل ما يريداه من بعضهم هو الانتقام فقط.

الوحيدان اللذان استحقا نهايتهما في المسلسل هم كرتال و سيدا، رغم أن سيدا تعتبر خائنة لأنها تمنت رجل آخر و هي مازالت متزوجة، إلا أنها عانت الكثير مع علي و كانت تستحق فرصة ثانية، فقد تتحمل الزوجة قسوة زوجها عليها  أو خيانته لها أو عدم محبته لها، أو حتى كرهه لها، و لكن ما لا يمكن تحمله هو قلة الاهتمام و التجاهل، أن يعتبر الزوج زوجته ليست موجودة، عدم مشاركتها أي شيء، ان تكون مصابة و يتركها وحدها بالمستشفى، و كل ما يفعله ان يرسل لها أحد الأشخاص الموثوقين ليذهب معها إلى البيت، حياة مهينة و جارحة لكرامة أي امرأة، انه حتى حين علم بميل قلبها لشخص آخر لم تحركه الغيرة عليها و لم يحاول اصلاح ما افسده معها و اوصل الأمور لهذه الدرجة، و لكن كل ما فعله أن القى بحبيبها في السجن، و ابقى عليها كزوجة ليزيد من اهانته لها و ظلمه و قسوته عليها.

ما هذا التعسف بحق السماء، و لكن أذكر موقف واحد نبيل لعلي و هو حين ترك كبريائه جانباً لأول مرة و أوكل شقيقته  إلى كوزغون.

لقد تعلمت ديلا  بمرارة أن الغضب و رغبة الانتقام من شأنها أن تخلق عداء أكبر ، وأن الانتقام سيؤدي إلى انتقام جديد، لذلك تخلت عن كبريائها، خاصة بعدما حركتها الغيرة على كوزغون، فغفرت و سامحت و تهاونت في حقها، معتبرة نفسها السبب الرئيسي في كل ما حدث حين وضعت المخدرات في منزل كوزغون، اعتبرت أنها كانت نقطة انطلاق هذا العداء فقررت ان تكون نقطة النهاية إذاً، هي تعرف أن بكلمة منها كوزغون سيلقى العالم خلقه و يعيش من أجلها فقط .

فرمان و كوزغون شقيقان عاشا حياة مؤلمة دون المشاركة في أي شيء، فكان من الواضح أنه لا يمكن أن يكونوا أصدقاء ، ولكن لم يعد هناك سبب يجعلهم أعداء، لقد انشكف السر و عرفا أنهما أخوة.

لقد ترك فرمان كوزغون و ديلا يسيران معاً يداً بيد أمامه و أمام رجاله دون أن يحاول أذيتهما، فاكتشاف فرمان أن له عائلة و إن كانت ملطخة بالدماء، كشفت عن الخير بداخله.

 في النهاية يظل مسلسل "الغراب" من المسلسلات الجيدة التي لن ننساها و لن ننسى أداء باريش أردوتش المذهل و المميز و قدراته الفنية التي اظهرها، لنعرف أنه هناك على الساحة التركية غول تمثيل يُدعى باريش أردوتش و كذلك اداء بورجو بيرجيك.

كانت قصة الحب الصعبة شبه المستحيلة بين كوزغون و ديلا هي السبب الوحيد الذي شاهدت من أجله هذا المسلسل، و كنت اتمنى نهاية أكثر اتساقاً مع موضوع العمل، و لكن يكفي أن يكون حفل زفاف كوزغون وديلا عند الشجرة التي شهدت لقائهما الطفولي الأخير قبل أن يدخلان لعبة الكبار و دائرة الانتقام في مشهد يوحي بالبداية الجديدة من حيث توقف الصغيران .

داليا محمد

اقرأ ايضاً:

صدمة كبيرة لعشاق المسلسل التركي “الغراب” عقب طرح موسمه الثاني

المسلسل التركي “الغراب” دراما تركية رائعة تستحق المشاهدة … حب و انتقام بطريقة مختلفة

المسلسل التركي “الغراب” … احداث الحلقة الثامنة فاقت كل التوقعات