د.محمد غيدة يكتب: منهجية على الشرفاء في تأصيل أسباب الفرقة والخلاف والنزاع في الإسلام (4)
- في الجزء الرابع من منهجية أطروحات الشرفاء الحمادي حول كتاب "المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي"، نواصل الحديث عما جاء في الطبعة الثانية من الكتاب، تحديدا في الصفحة الثانية والأربعين وفيها يقول المفكر على محمد الشرفاء الحمادي: (وبتعدد مصادر الروايات ومقاصدها، نشأت طوائف تبنت كل طائفة مرجعية خاصة بها وروايات تستند إليها في شرح توجهاتها الدينية، واعتمادها أساسا للخطاب الديني لديها، فأصبح لكل طائفة خطابها الديني الخاص بها).
ويكمل الشرفاء حديثه قائلا: (بذلك تعددت المراجع وانتشر الفكر التكفيري، فأصبحت كل طائفة تكفر الأخرى، بل وتعتقد بأن قتالهم جهاد في سبيل الله، وكل منهم يقاتل أخاه المسلم، وكل منهم يعتقد بأنه يجاهد في سبيل الله ويسقط القتيلان، وكل منهما يهتف «الله أكبر»).
في الفقرة السابقة وفي جزئها الأول، يوضح الشرفاء الحمادي بشكل مباشر مقتضب وبليغ، السبب الحقيقي في انحراف مسار الخطاب الإسلامي عن طريقه القويم الذي جاء في الخطاب الإلهي والذي يدعو في مجمله إلى خير الإنسانية؛ من خلال الدعوة إلى الحرية والعدل بين الجميع، والرحمة في كل أمور الحياة، والسلام والتعايش بين الجميع، فكان هذا الانحراف والذي تسبب فيه الاعتماد على المرويات والإسرائيليات والأكاذيب ونسبها زورا وبهتانا إلى الرسول عليه السلام.
من هنا نشأت الفرق والمذاهب والطوائف التي أسست للخلاف والنزاع والصراع والقتال بين المسلمين، فأضعفت شوكتهم ومكنت منهم أعداءهم، لأن الصراع بينهم جعل الدين الواحد أديانا، والمصدر الواحد مصادر مختلفين في كل الأمور، فظهرت الفرقة والخلاف والنزاع، وأصبحت كل طائفة لها خطاب مختلف ومنهج يكفر الفرقة الأخرى، وظنوا أنفسهم الفرقة الناجية يوم القيامة.
إن المفكر على الشرفاء الحمادي يرجع الفكر التكفيري المتطرف إلى الروايات والإسرائيليات والأكاذيب والأساطير المنسوبة زورا وبهتانا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم.
ثم يذهب الكاتب من خلال طرحه السابق إلى نقطة جوهرية غاية في الأهمية؛ هي أن كل الفرق المختلفة تكفر الأخرى، وتعتقد هي ومنتسبوها أن ما يقومون به من سفك دماء وقتل المسلمين جهاد في سبيل الله.
ويختتم الشرفاء الحمادي حديثه في ويضع نقطة في غاية الخطورة؛ وهي غياب الوعي والفكر لدى هؤلاء المنتسبين للفرق والمذاهب والمكفرين المختلفين معهم، فيقول كل فريق يقاتل الله بشعار الله أكبر، وهو الشعار الموحد بين هؤلاء المتقاتلين الذين غاب وعيهم وضل سعيهم وأظلم طريقهم، فتفرق وضعف المسلمون وحلت العداوة والبغضاء بينهم ونال منهم الأعداء والمتربصين.
في المقال المقبل يتجدد اللقاء في تناول المنهجية البحثية للشرفاء الحمادي. دمتم بخير.
الكاتب نائب أول رئيس مركز "العرب للأبحاث والدراسات"