اهم الاخبار
الإثنين 03 نوفمبر 2025
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

ومضات على الطريق || صحوة العقل في مواجهة فقه الفتنة .. يا أمة القرآن عودي الى النبع قبل أن يجف النور

- علي الشرفاء : سرقوا الرحمة وجعلوا الدين سيفا علي رقاب الناس .. صاغوا دِيناً جديد غلبت فيه الروايات علي الآيات

علي الشرفاء
علي الشرفاء

يبدو أن النور يتوارى خلف ظل الروايات .. رسالة الرحمة اختطفت .. ثم .. ثم علا صوت الزيف وارتفع .. اختلطت القداسة بـالتأويل .. واستُبدلت آيات الهداية بـ أحاديث فتنة دُست علي دين الله الإسلام .

نعم .. لقد سُرقت الكلمات من سياقها .. و .. و سُرق من الدين نقاء رسالته .. ثم .. ثم صاغوه على أهواء بشر لا يعرفون من الرحمة إلا اسمها .

وهنا يبرز السؤال الأهم والاخطر : كيف نعيد الإسلام إلى مساره الإلهي النقي؟ .. كيف ننتصر للرحمة على قسوة السيف ؟ .. وكيف ننتصر للحق على دعاة الفتنة والتحريف ؟ .

لذا عندما تحدث المفكر العربي الكبير علي الشرفاء الحمادي في كتابه " ومضات على الطريق .. المسلمون بين الآيات والروايات " .. انما اراد ان يعود بـ الناس الي النبع الصافي " القرآن الكريم " .. أراد أن يصحح مسار اعوج عن طريق الحق والنور .. أراد أن يصلح حال أمة خاب مسعاها وخسر  .

نعم .. يريد علي الشرفاء  ان يصوب خطاب انحرف عن مقاصد الرحمن الداعية للخير والسلام والعدل .

اذ يكشف علي الشرفاء في كتابه .. كيفية استغلال الدين من قبل شياطين المال ومجرمين السلطة ؟! .. كيف استطاعوا تغرير الناس وخداعهم ؟! .. كيف أقنعوهم بـ اعتماد آيات القتال الواردة في سورة التوبة وكأنها أمر من الله للمسلمين بـ أن يفرضوا الإسلام بـ قوة السيف .. لـ يظل المسلمون بعدها في قتال دائم .. معتقدين في ديمومة ذلك التشريع المؤقت .. وما اقتضته ضرورة المواجهة مع أعداء الدعوة وأصحاب الباطل .. فى مرحلة فرضتها ضرورات الدفاع عن النفس .

ويؤكد علي الشرفاء في كتابه " ومضات علي الطريق " علي انتهاء مفعول تلك التشريعات .. بـ تشريعات أخرى أنزلها الله على رسوله الكريم في مرحلة جديدة للدعوة الإسلامية .. ولكن ذوي الأهداف الخبيثة .. الساعين لـ تشويه " الرحمة " في رسالة الإسلام .. خدعوا المسلمين بـ دين جديد وعقيدة ضالة .. وفكر فاسد افرخ في الأمة متطرفين وارهابيين عاثوا في بلادنا خراباً ودماراً وسفكاً للدم البرئ .

ويقول الشرفاء الحمادي : تلك التشريعات الإلهية الواردة في آيات الذكر الحكيم .. إنما هي تشريعات ظرفية .. اقتضت حكمة المولي عز وجل أن يدعم بها رسالته ويحمي رسوله الكريم في حياته كي يواجه قوى الشر .. التي تريد النيل منه ومن رسالة الرحمة التي يحملها من خالقه الي كل الناس .

و بانتهاء تلك المرحلة .. وانتصار المسلمين وتمكينهم في مكة والمدينة من أمن واستقرار .. اقتضت حكمة المولي عز وجل انتهاء مفعول تشريعاته السالفة .. التي اقتضتها ضرورات حماية الرسالة وصد العدوان وتحقيق النصر للمسلمين .. ثم .. ثم أنزل الله سبحانه تشريعاً جديداً .. يدعو الرسول لاتباع منهج جديد وسياسة تتسم بـ الحكمة والموعظة الحسنة .. يدعوالناس لـ كتابه الكريم .. كي يهديهم إلى طريق الخير والسلام .

كما في قوله تعالى : " ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ .. " (النحل: 125) .. وقوله عز وجل  : " وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ " (يونس: 99) .. هذا التشريع الإلهي يؤكد أن حرية الاعتقاد مضمونة بنص القرآن الكريم كما قال الله تعالى : " وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ”… صدق الله العظيم . 

وبهذا تسقط حجة الذين يجعلون من أنفسهم أوصياء على الناس في عقائدهم .. أو إكراههم على اتباع الإسلام بـ القوة أو بـالترهيب .. بـ هذه الآيات الكريمة يتبين أن لكل عصر متطلباته وظروفه .. والدليل على ذلك انتقال دعوة الرسالة إلى مرحلة جديدة بعد فتح مكة وقيام دولة المدينة .. واستتباب الأمن .. وقد أوحى الله لرسوله بتشريعات جديدة تتواكب مع مرحلة اتساع الإسلام .. مما استدعى أساليب دعوية جديدة تقوم على التعاون والتكافل والسلام المجتمعي .

ولكن استغل الشياطين والمجرمين ذلك .. واستطاعوا أن يغرروا بالناس بـ اعتماد آيات القتال في سورة التوبة كتشريع دائم.. ولم يكن الفقهاء والمفسرون الذين حرفوا مراد الله في آيات القتال صادقين مع الله ولا مع المسلمين .. حيث أخفوا آيات مثل قوله تعالي : وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًاً " .. صدق الله العظيم  .

وتمسك المتطرفون بتلك التشريعات المؤقتة .. واعتبروها أوامر مطلقة لتبرير القتل والتدمير والفتن باسم الدين .. في سياق أهداف سياسية وأمنية تخدم أجندات خارجية  .. كما اتخذ البعض من آيات القتال ذريعة لتبرير التطرف .. معتبرينها تشريعاً دائماً حتى قيام الساعة .. وهكذا تم تشجيع المتطرفين على القتل والتهجير وتدمير المجتمعات .. تحت وهم أن هذه الجرائم تُدخلهم الجنة .. وينالون بها الحور العين !

تغذّى هذا الفهم الوهمي من فقهاء السوء .. واستوطن قلوباً مريضة وعقولاً يائسة .. تبحث عن الخلاص في خيال زائف .. ساقهم الشيطان من خلاله إلى الإجرام .

وينادي علي الشرفاء في الناس .. ينادي المفكرين واصحاب الحل والعقد .. بـ أن يتأملوا كيف ارتكب الفقهاء والمفسرون جريمة كبرى بحق كتاب الله .. حين أسقطوا التشريعات المرحلية .. وطمسوا مقاصد الله الأصلية .. ونسوا قوله سبحانه وتعالى : " يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ  ".. وأيضاً قوله عز وجل في محكم التنزيل : "وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا .. " .. صدق الله العظيم .. هذه الآيات تؤكد أن القتال مشروع فقط في حالة الدفاع .. وليس للهجوم أو الفرض القسري للعقيدة .

وفي حجة الوداع .. أعلن النبي صلي الله عليه وسلم أنه بلغ الرسالة وأسّس لمجتمع إنساني يقوم على : " الإيمان بالله الواحد .. العدالة .. الرحمة .. حرية الاعتقاد .. تحريم القتل والاعتداء .. احترام اختيار الإنسان للدين " .. إذ يقول الله تعالى: " فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ .. " (الرعد: 40)

اللهم اني قد بلغت اللهم فاشهد