تحقيقات وحوارات
حرية العقيدة في الإسلام .. القرآن يسقط وصاية البشر علي عقائد الناس
- رسالة من علي الشرفاء : الإيمان قرارك وحدك والله فقط من يحاسبك .. قال تعالي : "لا اكراه في الدين"
حرية العقيدة في الإسلام : لقد أرسل الله رسوله صلي الله عليه وسلم لِيُبَلِّغ الناس الخطاب الإلهي، ويشرح لهم رسالة الإسلام، حيث يقول سبحانه: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ «٦٧») (المائدة).
- لا وصاية علي عقائد البشر
حيث حدّد الله -تعالى- للرسول مهمته في إيصال رسالة الإسلام بقوله ) :ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖوَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ «١٢٥») (النحل).
وأمره الله سبحانه بقوله: (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ «٢٩») (الكهف). مما يعني بأنَّ الله-تعالى- ترك للإنسان الحُريّة المُطلقة لاختيار العقيدة أو الدين الذي يقتنع به، فلا وصاية لإنسان أو سلطان على عقائد البشر، ويؤكد ذلك قوله تعالى: (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا ۗ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ۖ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ «١٠٧»)(الأنعام).
- حرية الإيمان والتوحيد
وقوله تعالى يخاطب رسوله الأمين: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ«٩٩» وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ «١٠٠») (يونس: ٩٩-١٠٠).
وقال تعالى: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَاانفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ «٢٥٦٥») (البقرة).
لذلك، فإنَّ علاقة الإنسان مع الله علاقة مقدسة، وقد ترك له حرية الإيمان وتوحيده وحرية الالتزام بآياته دون تدخل منالبشر، لا نبي ولا رسول ولا سلطان ولا الوالدين ولا الأوصياء.
- الحساب يوم الحساب
والله -سبحانه- سيحاسب الإنسان كلاً بعمله، كقوله تعالى: (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى «٣١») (النجم).
فالله اختص وحده بالحكم على عباده يوم الحساب، حيث يقول سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَىٰوَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ «١٧») (الحج).
فإذا كان الله سبحانه قد أوضَّح للناس بتلك الآيات أنَّه لا وصاية لأحدٍ من خلقه على خلقه في عقائدهم ودياناتهم، ومَنَحَهُم الحرية المطلقة لاختيار عقائدهم، ولم يمنح رسولاً أو سلطانا حق الرقابة، ومحاسبة الناس على دياناتهم، ومن يفعل ذلك فقد ارتكب إثمًا عظيمًا سَيُحَاسَب عليه يوم القيامة حسابًا عسيراً، لأنه اعتدى على حق الله في محاسبة خلقه.
- قضية المرتد
فليحذر كل من تسول له نفسه أن يُنَصِبها رقيبًا على عقائد الناس، فقد تجرأ على الله وخالف أمره، وما أقرته آياته بأن الحُكْمَلله وحده، فقد باء بغضب الله وعقابه.
وأنَّ قضية المرتد إنما تم استغلالها سياسيًا للانتقام من الخصوم واستباحوا بظلم القاعدة الإلهية التي أقرها القرآن الكريم بقوله سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ «٥٤»)(المائدة).
- كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ
إضافةً إلى ذلك، فإنَّ الله تعالى لم يُقر في آياته حقًا لبشر في محاسبة من يرتد عن دينه، سواء كان ملحدًا أو كافرًا أو لا يقوم بشعائر العبادات. ذلك أمر بينه وبين الله، لأنه هو الذي سَيُحاسب كل إنسان على عمله، ولن يَشْتَرك معه أحد في المحاسبة يوم القيامة، حيث يقول سبحانه: (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ «٣٨») (المدثر ).
وإضافةً لما سبق، قوله تعالى يخاطب رسوله الكريم في سورة الغاشية: (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ«٢١» لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ«٢٢» إِلَّا مَن تَوَلَّىٰ وَكَفَرَ «٢٣» فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ «٢٤» إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ «٢٥» ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُم «٢٦»)(الغاشية: ٢١-٢٦).
- ليس علي الرسل إلا البلاغ
ويُحدد الله سبحانه تكليفه لرسوله : عليك تذكير الناس بالقرآن وآياته، وليس عليك مسئولية استجابتهم لك أم الإعراض عن دعوتك لهم، فإنهم سَيُرجَعُون إلى الله يوم القيامة فيحاسبهم على كفرهم ويعذبهم عذابًا عظيمًا، لذلك فليس على الرُّسُل والأنبياء إلا البلاغ للناس بما كلفهم به سبحانه من رسالاته التي نقلها الأنبياء للناس على مر العصور .
المقال .. من كتاب ومضات علي الطريق .. " حرية العقيدة في الإسلام "