بين هجر القرآن وخطاب التخويف .. الإسلام ليس مشروع قهر بل رسالة إنسانية بـ إمتياز
نداء علي الشرفاء علي صفحات مجلة كل خميس : عودوا إلي إسلام الرحمة لا قهر الفتاوي .. أنقذوا الدين من المرويات

صدر اليوم العدد الجديد من مجلة " كل خميس " الأسبوعية، الصادرة عن مؤسسة رسالة السلام، متضمناً باقة من المقالات والتحقيقات الفكرية التي تعكس توجهاً نقدياً عميقاً لـ واقع الخطاب الديني، وتسعى لـ إعادة الاعتبار إلى مرجعية القرآن الكريم .

وقد تصدّر العدد مقال جديد للمفكر العربي الكبير علي الشرفاء الحمادي بـ عنوان: " نحو إنسانية الإسلام وعدالته في الأرض " وُصف بأنه امتداد طبيعي لـ مشروعه الإصلاحي القائم على ضرورة إعادة القرآن الكريم إلى موقعه المرجعي الأول في التشريع والهداية، بعيدًا عن المرويات والاجتهادات البشرية التي انحرفت بـ المفاهيم وأضعفت الرسالة .

وأكد علي الشرفاء، في مقاله، أن الرسالة المحمدية لم تكن مشروعاً للسيطرة أو القهر، بل رسالة رحمة وعدل، جاءت لـ تحرير الإنسان من عبودية الإنسان، وللانتقال به من ظلمات الجهل إلى نور العقل والكرامة ، واستشهد بـ الآية الكريمة : " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " ، تأكيدًا على البُعد الإنساني والشمولي للدين .

كما انتقد الحمادي الانحراف الذي أصاب مفهوم التشريع الإسلامي، مشيراً إلى أن الخطاب الديني فقد بوصلة الهداية، وتحول من نور يُرشد إلى سيف يُخيف، ومن مشروع إصلاح إلى أداة للسيطرة ، ولفت إلى أن الزكاة، في الأصل القرآني، ليست فريضة مالية صمّاء، بل منظومة تكافلية عادلة، تهدف إلى إعادة توزيع الثروة، وتحقيق العدالة الاجتماعية ، كما رفض اختزال الشريعة في العقوبات، مؤكداً أن الرحمة هي الأصل، والعقوبة استثناءٌ إصلاحي لا غاية نهائية .

وفي تناغم مع الطرح الفكري للمقال الرئيسي، تضمن العدد مجموعة من المواد التي تناولت ذات القضايا بـ روح نقدية ووعي إصلاحي، من بينها مقال بـ عنوان : " المتبرئون من القرآن " الذي قدّم قراءة تحليلية لهجر النص القرآني في التشريع والفكر، لصالح مرويات ومقولات بشرية، تحوّلت إلى بدائل فعلية للمرجعية الإلهية .

كما اشتمل العدد على مقالة مركّزة تبيّن أن الرحمة تمثّل جوهر التشريع القرآني، وأن غيابها عن أي فهم ديني يحوّله إلى أداة ترهيب في يد المتسلطين ، وفي هذا السياق، تم توضيح كيف تم تفريغ الشريعة من بعدها التربوي والأخلاقي، وحصرها في مساحات العقوبة والخوف.

وفي شهادة فكرية شخصية بـ عنوان " ديني لا يشبه ما يقولونه في الشاشات " يسرد أحد الباحثين رحلته من التقليد إلى التفكّر، مؤكداً أن الإسلام الحقيقي أقرب لصوت الأم التي تقرأ القرآن، لا إلى الصراخ الإعلامي والوعظ الجاف ، كما يدعو إلى العودة إلى القرآن كـ نص حيّ يتفاعل مع الإنسان كـ كائن حرّ عاقل .

وفي مقال موجه إلى خطباء الجمعة، دعت المجلة إلى تحرير الخطبة من منطق التلقين والوصاية، داعية إلى استلهام القرآن بوصفه رسالة حية تتطلب التدبر والوعي لا مجرد الترديد .

وقدّم العدد تحقيقاً معمقاً يناقش المفاهيم التقليدية المرتبطة بـ فريضة الزكاة، متسائلاً عن جدوى تثبيت نسبة 2.5% كـ رقم مطلق، في ظل إشارات قرآنية تشير إلى نسبة الخُمس، ومطرحاً مقاربة ترى في الزكاة أداة لـ تحقيق العدالة الاقتصادية والاجتماعية، بعيداً عن القوالب الفقهية الجامدة التي لم تعد تواكب التحديات المعاصرة .

وفي تحقيق تحليلي بـ عنوان " الخطاب المسروق " كشفت المجلة كيف تم تغييب النص الإلهي لصالح اجتهادات بشرية تحوّلت إلى سلطة مهيمنة، واستعرض التحقيق شهادات لـ مفكرين إصلاحيين من داخل العالم الإسلامي وخارجه، أكدوا على ضرورة كسر احتكار التأويل، وإعادة القرآن إلى مركز الحركة الفكرية والدينية بـ وصفه مرجعية حيّة ومباشرة.

الجدير بالذكر أن مجلة " كل خميس " يرأس مجلس تحريرها الكاتب والباحث محمد الشنتناوي، وتُعنى بنشر فكر إصلاحي نقدي يستند إلى مرجعية قرآنية خالصة، ويعيد مساءلة المفاهيم الشائعة بمنظور إنساني عقلاني .