" الزكاة صدقة وقرض حسن " .. مرجعية فكرية تفتح الباب لـ مؤتمر استثنائي بـ القاهرة

• طرح فكري وتجديد ديني يكرس العدالة الاجتماعية ويكافح التطرف .. من عبادة مالية لاستراتيجية أمان مجتمعي

بدأت مؤسسة رسالة السلام العالمية استعداداتها لعقد مؤتمر دولي موسع في القاهرة حول الزكاة، كخطوة استراتيجية تهدف إلى إعادة طرح هذه الفريضة الإسلامية من منظور تنويري يعزز قيم العدالة الاجتماعية، ويؤسس لتكافل حقيقي يعالج جذور الفقر والاضطراب في المجتمعات الإسلامية.

جاء ذلك خلال الاجتماع التحضيري الأول الذي عقد بمقر المؤسسة بالقاهرة، برئاسة أمينها العام علي مستوي العالم الكاتب الصحفي مجدي طنطاوي ، وبإدارة رئيس مجلس أمنائها الكاتب الصحفي الدكتور معتز صلاح الدين ، وبمشاركة عدد من القامات والقيادات الفكرية وأعضاء المؤسسة أبرزهم : " الدكتور عبد الراضي رضوان نائب رئيس مجلس الامناء ، والقس الدكتور جرجس عوض امين عام المؤسسة بالقاهرة ، والدكتور حسن حماد عميد كلية الاداب الأسبق وعضو المؤسسة ، والكاتب الصحفي والمفكر السياسي محمد مصطفي ، والكاتب الصحفي اسامة إبراهيم ، والكاتب الصحفي محمد فتحي الشريف والكاتب الصحفي والباحث السياسي هشام النجار والكاتب الصحفي عاطف زايد نائب رئيس تحرير الأهرام والباحث السياسي محمد الشنتناوي امين صندوق المؤسسة والكاتب الصحفي خالد العوامي مدير تحرير بوابة أخبار اليوم .

وشهد الاجتماع التحضيري مناقشات معمقة حول التجهيزات المبدئية والإطار العام للمؤتمر، وأهدافه، والمحاور التي سيُبنى عليها، والآليات اللازمة لإنجاحه تنظيمياً وفكرياً .

• رؤية متكاملة لإطلاق مؤتمر غير تقليدي

حيث ناقش الاجتماع أهمية أن يعكس المؤتمر صورة مشرّفة للفكر التنويري الذي تتبناه المؤسسة، في اطار الرسالة الفكرية والتنويرية للمفكر العربي الكبير علي الشرفاء الحمادي ، وأن يتجاوز الفكر التنويري الإطار التقليدي للمؤتمرات الدينية، ليصبح منصة فكرية عابرة للحدود، ترتكز على فهم الزكاة باعتبارها وسيلة لتحقيق الأمن المجتمعي والاقتصادي، وليس مجرد عبادة مالية.

وأكدت المناقشات أن المؤتمر يجب أن يُبنى على رؤية عميقة تستند إلى الاجتهاد التنويري لا الجمود الفقهي، وتتناول الزكاة بوصفها ضرورة أمنية لحماية المجتمعات من الفقر، والتسول، والانحراف، وما يرتبط بها من ظواهر تطرف وعنف.

• دعوة لإعادة تشكيل المفهوم الاجتماعي للزكاة

طُرحت خلال الاجتماع مجموعة من المداخلات التي تناولت أزمة التطبيق العملي للزكاة في الواقع الإسلامي، رغم وضوح النصوص الشرعية، حيث أشارت الآراء إلى أن نسبة كبيرة ممن تجب عليهم الزكاة لا يؤدونها، ما يتطلب جهودًا توعوية وتثقيفية تعتمد على خطاب اجتماعي مؤثر، وليس وعظًا تقليديًا.

كما جرى التشديد على ضرورة تجاوز الخطاب الديني السائد، الذي غالبًا ما ينفر الناس من أداء الزكاة أو يربطها بمنظومة مؤسسية فقيرة التأثير، نحو تقديم نماذج مجتمعية ناجحة تبرز أثر الزكاة في التنمية وتحقيق التوازن الطبقي والروحي .

• التكافل لا الوعظ والعطاء لا الاستهلاك

و أكد المشاركون على أن العطاء فطرة كونية قبل أن يكون تكليفًا دينيًا، وأن الإنسان لا يُعطي من ماله، بل مما استؤمن عليه من رزق الله ، لذلك تم التوافق على أن المؤتمر يجب أن يُخاطب الوعي الجمعي بلغة تلبي احتياجات العصر، وتعيد تربية المجتمعات على ثقافة العطاء بدلًا من ثقافة الاستهلاك والاتكالية.

ولفتت النقاشات إلى أن الزكاة يجب أن تُفهم كـ”صمام أمان للمجتمع”، ليس فقط لأنها تخفف الفقر، بل لأنها تزرع الأمان الاجتماعي، وتُسهم في تعزيز الانتماء، وتمنع التوترات الناتجة عن التفاوت الطبقي، ما يجعلها عامل استقرار سياسي وأمني أيضًا.

• مواجهة الموروثات والتفسيرات المشوهة

كما تناول الاجتماع أهمية مواجهة الموروثات الفقهية والاجتماعية التي ساهمت في تشويه فهم الزكاة، وتحويلها إلى طقس آلي أو أداة تُستخدم أحيانًا في غير موضعها، بل في تمويل أنشطة مدمّرة كالتطرف والعنف ، ومن هنا جاءت الدعوة لإعادة النظر في المنظومات التشريعية والتنفيذية الخاصة بتطبيق الزكاة في العالم العربي والإسلامي .

كما طرحت بعض المداخلات ضرورة إنشاء إدارة عامة للزكاة تكون نواة لمنظومة متكاملة تجمع بين الضبط المؤسسي، والشفافية، والعدالة في التوزيع، على أن يتم تناول هذا المقترح كأحد مخرجات المؤتمر بعد النقاش والدراسة.

• نحو ورش عمل وتحضير شامل

أجمع الحاضرون على أهمية أن يُسبَق المؤتمر بورش عمل تحضيرية تعقد في مقر المؤسسة، تشمل مناقشات فكرية حول محاور كتاب “الزكاة صدقة وقرض حسن ” الذي يُعد المرجعية الفكرية الأساسية للمؤتمر ، كما تم التأكيد على ضرورة تحديد الجمهور المستهدف، ووضع قائمة مقترحة بالشخصيات العامة والفكرية ذات الطرح التنويري، ممن يمكنهم المشاركة بفعالية وتقديم رؤى متوازنة عاقلة تخرج بالمؤتمر عن النمط التقليدي .

• شراكة مع الدولة لا مواجهة معها

أكد الاجتماع على أهمية ربط المؤتمر بمشروعات الدولة التنموية والاجتماعية، وتقديم المؤسسة كمساهم وطني وشريك في تعزيز السلم المجتمعي ومكافحة الفقر، لا كجهة موازية أو مناوئة ، وتم التشديد على ضرورة تقديم تصور واضح يعكس موقف المؤسسة كذراع فكرية تخدم الأمن القومي عبر خطاب ديني جديد، يُعيد للزكاة معناها وأثرها.

التوصيات وقوائم المفكرين المشاركين 

اختُتم الاجتماع بعدد من التوصيات، من أبرزها : " إعداد قوائم بأسماء المفكرين والشخصيات التنويرية المتوافقة مع رؤية المؤسسة ، تنظيم ورش عمل داخل مقر المؤسسة، لبلورة المحاور الفكرية والبحثية ، اعتماد كتاب “ الزكاة صدقة وقرض حسن ” كمرجع رئيسي لمحاور النقاش ، دراسة مقترح إنشاء إدارة عامة للزكاة كأحد مخرجات المؤتمر  .

• الزكاة علي خارطة الوعي والواقع

يأتي هذا المؤتمر في توقيت حساس تتزايد فيه الحاجة إلى إعادة قراءة المفاهيم الإسلامية الكبرى برؤية معاصرة، لا تنفصل عن الواقع ولا تتصادم مع العقل ، ومؤسسة رسالة السلام، من خلال هذه المبادرة، تؤكد عزمها على فتح ملفات الإصلاح الديني الجاد، عبر بوابة الزكاة، بما يجعل من هذه الفريضة عنوانًا للكرامة الإنسانية، وأداة لإعمار الأرض، وتحرير الدين من الاستغلال والجمود .