اهم الاخبار
السبت 14 يونيو 2025
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

الفن

فيلم "حملة فرعون".. سقطات بالجملة.. وإهدار لمقومات النجاح

فيلم حملة فرعون
فيلم حملة فرعون

حل فيلم "حملة فرعون" في المركز الرابع في شباك التذاكر، وحقق إيرادات كلية منذ عرضه بلغت 13 مليوناً و235 ألف جنيه بعد أسبوعين من عرضه.

و رغم اقتباس الفيلم بشكل واضح من ”الساموراي السبعة“ لكننا لا نجد أية إشارة لهذا في التترات، بل يُكتب أن الفيلم قصة بيتر ميمي، وسيناريو كريم حسن بشير ومحمد القوشطي، و لقد اعتدنا على هذا الامر و تحدثنا عنه كثيراً من قبل لذلك لن نتوقف عنده كثيراً لأن الفيلم مكدس بالسقطات التي ستأخذ من مقالنا الكثير.

منذ "الساموراي السبعة" (1954)، للياباني أكيرا كوراساوا، اقتُبست القصة نفسها مرارًا، بلغات عديدة، وأُعيد تقديمها بمعالجات مختلفة.

و يمكن إرجاع تلك الشعبية الجارفة التي تتمتع بها تلك  الرواية إلى سببين رئيسيين: أولاً، هذه حبكة عالمية ومَرنة يمكن تطويعها في أكثر من شكل و باكثر من ثقافة، عن حرب الخير في مقابل الشرّ.

وثانيًا، أنّ فيها 7 شخصيات، تختلف إحداها عن الأخرى في طباعها وإمكاناتها، ومع هذا تتّحد معًا في فريق واحد، و لذلك وجد السبكي في هذه الاسباب مادة جيدة تخدم خلطته السبكية بشكل كبير، فاين سيجد ما هو  افضل من ذلك، حيث  الفكرة الموجودة لا تحتاج لجهد و تفكير لخلقها ليقدم من خلالها اكبر عدد من النجوم مع اكبر عدد من مشاهد الاكشن و الحركة ، التي تجذب الجماهير لقاعات العرض في السينما و تأتي بثمارها بعد تجارب ممثالة اثبتت نجاحها، فالأمر بالنسبة للمنتج كان محسوما من البداية و الدليل على هذا الكلام انه لا يهمه من يشارك فى الفيلم، حيث تتابعت لأداء دور البطولة أسماء مثل أمير كرارة ومحمد رمضان وعمرو يوسف حتى وصلنا إلى عمرو سعد، وأيضا تتابعت أسماء مخرجين مثل بيتر ميمى ومحمد سامى حتى جاء لإنقاذ الموقف رؤوف عبدالعزيز، المنتج فى نهاية الأمر واثق من الوصفة الجديدة وقبل وبعد ذلك لا شىء يهم.

النسخة المصرية لهذه القصة تتمثّل في "شمس الزناتي" (1991) لسمير سيف، كانت اقتباس فائق الجودة، من حيث اختيار المكان واللحظة الزمنية، كواحة صحراوية تعتدي عليها عصابة جنود مرتزقة، أثناء الحرب العالمية الثانية؛ أو في اختيار شخصيات أيقونية، مصرية الطابع، للأبطال السبعة، المكلّفين بمهمّة الدفاع عن الواحة،  أبطال سبعة يتذكّرهم محبّو السينما المصرية بأسمائهم.

بعد نحو 3 عقود، يُنتَج "حملة فرعون" (2019) لرؤوف عبد العزيز. اقتباس جديد لـ"الساموراي السبعة"، لكن بنسخة سيئة، إلى درجة اليقين بأن صنّاعه لم يتعلموا شيئًا من الأصل، ولا يعرفون أماكن تميّز تلك الحبكة، ولا يُدركون أنّ الأمر ليس مجرّد مَشَاهد قتالية فارغة المعنى.

ملحوظة : توجد تفاصيل قد تحرق أحداث الفيلم في الفقرة التالية:

يبدأ الفيلم مع مجموعة من اللاجئين السوريين في طريقهم لقوات حفظ السلام، يقطع طريقهم المجرم فرانكو (هافور جوليوس) وعصابته ليأخذ الأطفال إلى القرية التي يسيطر عليها ويترك الباقين.

أم أحد الأطفال مصرية، تعود إلى زوجها يحيى (عمرو سعد) في مصر لينقذ الطفل فيقرر أن يشكل فريقًا من أصدقائه القدامى ويسافر سوريا ليحرر طفله من فرانكو، و في مشهد مماثل لمشهد فيلم "شمس الزناتي" يذهب يحيى إلى السيرك لاستقدام اثنين من امهر اصدقائه في بعض الالعاب القتالية، و هما محمود عبد المغني / راضي العفريت  ملك النشان، و دهب لاعبة الجمباز التي تتمتع بلياقة بدنية عالية، المشهد الذي يشبه كثيراً المشهد الذي يذهب فيه "شمس" إلى "سيد  سبيرتو" في أثناء فقرة النشان التي يؤديها في المولد،  بينما يقوم حمدي المرغني بدور "حتاتة" خبير المتفجرات و المقابل لشخصية "سامبو"  الذى قام بها الفنان علي عبد الرحيم، والذي ينضم إلى المجموعة التي يجهزها " يحيى فرعون"، و يونس/ رامز أمير الذي يتميز بقدراته في رياضة الباركور  و محمد لطفي/ ارجنتينى الملاكم، و تكمل زوجته السابقة دليلة / مايا طلام الفريق.

و لكن "فرعون" يخدع هؤلاء الاصدقاء و يخبرهم ان الامر عبارة عن "مصلحة وفيها 10 مليون أخضر"، و أمام إغراء المال يوافق الاصدقاء على للقيام بالمهمة الخطرة التي تضمن لهم عائد مادي كبير.

و يذهب الفريق في رحلته و تبدأ المعارك في النصف الثاني من الفيلم، و تسير احداث الفيلم على نفس نهج شمس الزناتي، في البداية انتصار مؤقت للفريق في اول معركة، ثم هزيمة ساحقة يليها مقاومة مستيمتة من جميع ابطال الفريق تنتهي بانتصاره بعد معارك دامية و خسائر فادحة في الارواح  و موت عدد كبير من اعضاء الفريق، لكن يستعيد يحيى ابنه في النهاية.

بالاضافة إلى الفراغات الموجودة في القصّة، وعدم معرفة سبب ذهاب أمّ الطفل المخطوف إلى سوريا، أو طبيعة العصابة الخاطِفة ومطالبها، ولماذا هي مستقرّة في ذاك المكان؛ هناك أيضًا اقتصار المهمّة على استعادة الابن، ما يُفرِّغ الشخصيات من مضمونها وتفاعلها مع المكان، وتغيّرها مع تطوّر الحبكة، وهذا كلّه لا يُعطي معنى أو أثرًا لتضحية شخصيات كثيرة وموتها، والتضحية والموت يكونان من أجل دافعٍ فرديّ جدًا، إنقاذًا لفردٍ واحد.

و رغم ان الفيلم يُعد فيلم اكشن من الدرجة الاولى إلا أن معظم مشاهد الاكشن كانت فقيرة للغاية في التنفيذ، كما اساء الديكور كثيراً لاماكن تصوير الفيلم و اظهرها غير حقيقية، كذلك كانت الموسيقى التصويرية سيئة للغاية و صاخبة لدرجة مزعجة للمشاهد.

من العناصر الجيدة في الفيلم و التي كنت اتوقع لها أن تجعل من تلك النسخة ميزة عن سابقتها "شمس الزناتي" هو وجود عنصر نسائي ضمن عناصر الفريق السبعة، الامر الذي يُعد الاضافة الوحيدة للنسخة الجديدة و لم يتم تقديمه في أي من النسخ الاجنبية التي تم تقديمها عن هذه الرواية الشهيرة، فتوقعت أن قصة الحب بين "يحيي و دهب" قد تدعم الحبكة الدرامية الجديدة للعمل خاصة ان قصة الحب في شمس الزناتي كانت بين عادل امام و سوسن بدر التي تمثل دور المرأة الضعيفة و التقليدية التي يدخل شمس من أجلها تلك الحرب العظيمة و يضحي بخمسة من اعز اصدقائه ليحظى بقلبها، ذلك الخط الدرامي الذي يكاد يكون ميز النسخة المصرية عن جميع النسخ الاجنبية للفيلم التي تُعد جافة و لا يتخللها أي مشاهد رومانسية، في حين ان دهب في نسخة "حملة فرعون" تتميز بقدرات بدنية هائلة و قوة جسدية خارقة و ايضاً جميلة و مثيرة في الوقت ذاته، و بالفعل بدأ الفيلم باستعراض قصة حب "يحيي  دهب" في الماضي و يتضح انه تركها و تزوج دليلة (مايا تالم) أم طفله المخطوف، لكن دهب لا تزال تحبه وهناك مشهد كامل بينهما تحاول الاعتراف فيه بحبها له و قلبها الذي مازال ينبض باسمه و عيناها يتفجر منها الحب و الحنان الذي ادخرته في قلبها لسنوات و كأن لم يمضي على فراقهما زمن، فنتفس المشاهد الصعداء و  استعد لمشاهدة قصة حب لو كان تم استغلالها في السيناريو جيدا لكانت ستصبح من كلاسكيات السينما بعد سنوات، لكن هل أضاف هذا للأحداث أي شيء؟ لا، وفي النصف الثاني من الفيلم مع بداية المعركة يختفي كل هذا ولا يصبح لعلاقة الحب أية قيمة.

يوجد ايضاً عدم منطقية في الأحداث متعلّق بالزمن، وبأثره في شكل الحرب الدائرة ، فمثلاً في جميع النسخ الامريكية التي تم تقديمها عن هذه الرواية الشهيرة أخرهم عام 2016، يُخَاض القتال بالسيوف و البنادق القديمة والأحصنة، و تلك النسخ التزمت بالأحداث كونها تدور في الماضي لوجود منطقية و ضرورة لتعدد مهارات الفريق في جميع الفنون القتالية، حيث كانت احدث الاسلحة وقتها هي البنادق و الدناميت و القنابل.

الامر ذاته في "شمس الزناتي"، تمّ نقل فترة الأحداث إلى الحرب العالمية الثانية، ما جعل القوّة بين الأطراف المتنازعة متقاربة، فيُصبح استخدام السكاكين أو الديناميت أو البنادق مُبرَّراً ومُفيداً ومفهوماً.

أما في "حملة فرعون"، فالزمن هو الآن، بالتقدّم كلّه في تقنيات المراقبة والأسلحة، لكن هذا غير مؤثّر أبدًا في نظر صنّاعه، غير المهتمّين بكيفية تقرير 7 أشخاص السفر من مصر إلى سوريا، وخوض حرب واسعة ومسلّحة مع عصابة، من دون وعي أو سياق تاريخي أو سياسي مُقنع، ومن دون أثر للزمن على إمكانيات الأفراد، فما هي فائدة أن يبرع أحد أفراد المهمة في استخدام السكاكين مثلاً؟ أو أن يكون آخر قويًا بدنيًا؟ أو أنْ تعمل ثالثة في سيرك؟ أو أن يُجيد رابعٌ رياضة الـ"باركور"؟ تفاصيل وفوارق غير مهمّة أبدًا في حربٍ مسلّحة من الاساس كل ما تحتاجه حرفية في استخدام السلاح و قد يكون خبير المفرقعات هو اهم عضو بالفريق.

هذا جعل استخدام الإمكانيات المختلفة لأفراد الفريق في المعركة لم تُستَغَلّ بشكل الكافي، فإذا بمَشاهد الـ"أكشن" مُحمّلة بفوضى وقطعات سريعة وقتالات يدوية غير مفهومة، وبموت فارغ من دون أي أثر عاطفي لشخصيات مسطّحة وكاريكاتورية، لا يُعرف عنها أيّ شيء.

من عيوب الفيلم أن تتابعات النهاية استغرقت حوالي نصف الساعة، نعم نصف الساعة من الطلقات والانفجارات والمشاهد القتالية، التي كان أغلبها ضعيف التنفيذ كما سنذكر.

فمثلاً في أحد المشاهد يشتبك اثنان من فريق فرعون مع أحد رجال فرانكو، اثنان أمام واحد ومن المفترض أن نشاهد معركة جيدة، لكن فجأة يأتي راضي ببندقيته ليقتل رجل فرانكو فينتهي القتال، في كسر واضح لأحد أعراف مشاهد الأكشن، وهي أن القتال يجب أن يصل لذورته قبل أن ينتهي، ويفضل أن يكون أحد المشاركين في القتال هو المنتصر وليس شخصًا من الخارج إلا لو كان لهذا تأثير ما، وهو ما لم يحدث هنا.

كذلك كانت على نفس المنوال معظم المعارك بين الابطال التي تم تنفيذها بمنتهى السذاجة و بدون اي احترافية لدرجة أن أحدهم يطير في الهواء دون ان يلمسه الطرف المتشابك معه من الاساس، ما جعل مشاهد الاكشن و الحركة في الفيلم تبدو بدائية مقارنة مع فيلمي "كازابلانكا" و "الممر"، المعروضان معه في نفس الموسم.

و لكن يبقى أداء ابطال الفيلم هو افضل ما تم تقديمه على الاطلاق في هذا العمل، فكان عمرو سعد صاحب اداء مميز كعادته و كفنان موهوب دائماً، و روبي المتميزة خاصة في مشاهدها الدرامية بينها و بين عمرو سعد، و محمد لطفي الفنان ذو القامة الكبيرة و محمود عبد المغني بكل تأكيد الذي يُحسب له تراجعه عن البطولة المطلقة الذي اخفق بها أكثر من مرة، ليعود في الادوار الثانية، فيما جاء اداء النجوم الاجانب جميعهم خالياً من المصداقية و كأنهم يسمعون ما تم حفظه من عبارات فقط دون أي مجهود أو أدنى محاولة للتمثيل، حيث كان من الواضح أن السبكي دفع هذه الاموال الطائلة لاستحضار نجوم عالمية فقط للدعاية.

و كانت المفاجأة الكبرى في هذا العمل هو النجم الصاعد الذي اصبح نجماً بعد مشاركته في "حملة فرعون" و هو رامز امير الذي تفوق بالفعل بأدائه المتميز على الجميع، و قدم مشاهد الاكشن و الحركة الخاصة به باحترافية عالية ودون الاستعانة بدوبلير، و كان ذلك واضحاً جلياً حيث تم تصوير مشاهده عن قرب و كان وجهه واضحاً على الكاميرا و كذلك جميع ابطال الفيلم الرجال و لكن كانت مشاهد رامز امير هي الاصعب و الاقوى مع قفزاته الجنونية و تسلقه المرتفعات و الحواجز و التي نفذها جميعها بمنتهى الخفة و الرشاقة، فيما كانت المشاهد القتالية الخاصة بروبي غير متقنة و ذلك لاستعانتها  بدوبليرة حيث تم تصوير مشاهدها من مسافات بعيدة و من الخلف ما قلل من جودة تلك المشاهد.

و اخيراً إذا كنت من محبي افلام الاكشن و الحركة منزوعة الهدف و الرسالة و الاحداث و القصة، فعليك بدخول فيلم "حملة فرعون" فكل ما سيتبقى لديك هو حالة غير مسبوقة على الشاشة، من العنف والدموية وطلقات البنادق والمدافع والقنابل، وجثة هنا وأخرى هناك، و رأس طائرة هنا وذراع حائر هناك.

هذا الفيلم ضم الكثير من مقومات النجاح التي أهدرها جميعها، فهو مبني على قصة جيدة عادة ما تنجح، و يقدم الأكشن وهو النوع المطلوب حاليًا من الجمهور المصري، و يضم فريق ممثلين جيد وأجانب يمكن استغلالهم في الدعاية، بالإضافة لإنتاج كبير لصناعة نتائج جيدة، لكننا شاهدنا انفجارات وطلقات فقط دون محتوى جيد.

فالأكشن هو جزء من الفيلم وليس هو الفيلم، وحتى إذا كان المشاهد قادمًا من أجل المعارك والانفجارات فإنه لن يتنازل عن مشاهدة عناصر جيدة في بقية الفيلم تضم بداخلها هذا الأكشن.

داليا محمد

اقرأ ايضاً:

تعرف على افلام عيد الفطر 2019 … “كازابلانكا” لامير كرارة و “الممر” لاحمد عز و عودة محمد سعد

بعد 9 أيام.. تعرف على آخر ما وصلت إليه إيرادات شباك تذاكر عيد الفطر

الوكالة نيوز ترصد آراء الجمهور في أفلام العيد

تعرف على ايرادات افلام العيد … “كازابلانكا” في الصدارة و “محمد حسين” يتذيل القائمة

فيلم “الممر” … تجربة جديدة من نوعها تستحق الاشادة و الثناء