" رسالة السلام " مشروع فكري لـ إنقاذ البشرية من لعنة الطوائف .. إحذروا زمن الفتنة المقدسة
نداء الضمير لـ علي الشرفاء : كفّوا عن جلد الإنسان بسياط القداسة .. وعودوا إلى كلام الله لا كلام البشر

حين تتصدّع القلوب تحت وطأة الكراهية .. ثم .. ثم يختنق العقل ويُختطف الضمير على أيدي تجار القداسة والدين .. عندئذ يغرق الإنسان في رماد الجهل وظلمات الزيف والزور .. وهنا يصرخ السؤال الأبدي : أين ذهبت الرحمة ؟ .. ومن اغتال الإنسانية فينا ؟ .
يبدو أن الإنسانية كلها ليست أمام معركة عقائد بل معركة وعي .. ليست أمام أزمة أديان بل كارثة ضمير .. نعم الإنسانية أمام لحظات فارقة إما أن تعيد اكتشاف جوهر الرسالات السماوية .. أو تستمر في دوران عبثي داخل دوامة الكراهية والتكفير .
.. و .. و في قلب تلك الدوامة يبرز المشروع الفكري التنويري لـ المفكر العربي الكبير علي الشرفاء الحمادي " رسالة السلام " .. مشروع يخوض معركة من أجل استرداد الإنسان .. لا من غياهب الجهل فقط بل من قبضة المتاجرين بالدين .. ومن مصاصي الرحمة وسجّاني الضمير .. رسالة تدعو للانعتاق من قيود الجهل والانتصار للفطرة النقية .. بهدف بناء سلام لا يُخدش يبدأ من العقل وينتهي بـ إنقاذ الإنسان .
" رسالة السلام " ليست مجرد فكرة حالمة .. ولا مجرد حلم خيالي بعيد عن الواقع .. بل هي نداء متجدد من أعماق النص الإلهي المقدس .. كي يستنهض إنسانية طُمست وفطرة دُفنت .. وكرامة شوهتها التأويلات الجامدة والخطابات المحنطة .. و المذاهب التي تسابقت في تمزيق جسد الإنسان بـ إسم الله والدين .. فـ الخالق سبحانه وتعالي حين خلق الإنسان .. أكرمه لا لـ عرقٍ يحمله ولا لـ دينٍ يعتنقه بل لأنه إنسان .. نفخ فيه من روحه وغرس في فطرته الرحمة والعدل والعقل .. ثم .. ثم أرسله في الأرض خليفةً كي يعمرها بـ المحبة لا بـ الكراهية .. بـ الوئام لا بـ الحروب .. بـ التعاون لا بـ الإقصاء .. و .. و هنا يثور السؤال باكياً : أين ذهب هذا الإنسان ؟ .. وكيف سقط من علياء التكريم الإلهي إلى درك الاحتراب باسم السماء والدين ؟
إذ يأتي علي الشرفاء في مشروعه التنويري " رسالة السلام " كي يكشف مكمن العطب .. ويؤكد علي إن الخلل ليس في الدين .. بل في من حرفوا مقاصده وحوّلوا رسالة الرحمة إلى شعارات للبطش .. وجعلوا من " الحق الإلهي " ذريعة لإلغاء الآخر .. ومن " الفرقة الناجية " ترخيصاً بـ القتل المعنوي والمادي لكل مخالف لهم في الرأي والنية .. وهؤلاء كما يقول الشرفاء الحمادي لم يتخذوا الشيطان عدواً بل جعلوه رفيق فكر ومسيرة .. وزينوا للناس الفتنة في ثوب الفريضة .. والبغي في هيئة الجهاد .. حتي ابتُلينا بـ جماعات تستحل الدم وتختطف النص الإلهي وتبني حوله أسواراً من الجهل .. فـ ينحرف الدين عن مساره .. ويُختطف الإنسان من ذاته .
" رسالة السلام " في فكر علي الشرفاء ليست دفاعاً عن دين على حساب آخر .. ولا عن طائفة دون غيرها .. بل هي عودة جذرية إلى أصل الرسالة الإلهية التي تكرم الإنسان دون تمييز ودون استعلاء أو ادعاء بالاصطفاء .. رسالة تحث الناس للعودة إلي أصل الدين " القرآن الكريم " .. ختام الوحي الذي يعلنها بوضوح لا يقبل المساومة في قوله عز وجل : " ولقد كرّمنا بني آدم " .. فأي مشروع أو خطاب أو دولة أو تنظيم أو طائفة تتنكر لهذه الآية .. هي بـ الضرورة خارجة عن سياق السماء .. مناهضة لـ أصل الرسالة وعدوة للإسلام والسلام .
لذا فقد أخطأ بعض من أتباع الديانات حين توهموا أنهم وحدهم على صواب .. فاستأثروا بالحقيقة واحتكروا الجنة .. وقسموا العالم إلى معسكرات متقاتلة كل طرف يري نفسه هو الأهم وسائر البشر في جحيم أبدي .. وتلك خطيئة كبرى تسعى " رسالة السلام " إلى تفكيكها عبر تجريد النص الإلهي المقدس من ألغام التاريخ .. وغربلة الموروث من الشوائب .. وإعادة الاعتبار لما قاله الله لا لما قاله المتكسبون باسمه .. وفي مواجهة هذا الانحراف لا يقدم علي الشرفاء حنيناً إلى الماضي .. ولا دعوة لصراع مع الآخر .. بل يمدّ يده نحو المستقبل بمشروع قائم على قراءة قرآنية جديدة لا تنطلق من الخوف بل من الفهم .. قراءة لا تكتفي بالشعائر بل تبتغي إقامة القسط والرحمة بين الناس .. وترسيخ العقل وبناء السلم الداخلي والاجتماعي .. واستعادة جوهر الدين القائم علي الحرية والعدل و الرحمة والعقل .
" رسالة السلام " في مشروع علي الشرفاء الحمادي ليست بياناً وعظياً عابراً .. بل هي انقلاب ناعم على قرون من التأويل المتكلس .. وخروج جريء من أسر الطاعة العمياء نحو فضاء التدبر المضيء .. إنها إعلانٌ حاسم بأن الله لم يُنزّل الوحي لـ تُحكم به الطوائف .. ولا لـ يستغله الحكّام بل لـ يكون للناس كافة .. هادياً لا قيداً .. نوراً لا ظلاماً .
ولأن السلام لا يُبنى بالشعارات .. فإن مشروع علي الشرفاء لا يفصل الروح عن الواقع .. بل يدعو إلى تحويل القيم القرآنية إلى سياسات عامة .. ومناهج تعليم وأعمدة تشريع تتأسس على حرية الفكر .. وكرامة الإنسان والتعايش الحقيقي .. فلا عدل بلا حرية .. ولا حرية بلا عقل .. ولا عقل بلا رحمة .. وكلها تبدأ من سلام داخلي مع الذات .. يُولَد من رحم العلاقة الصادقة مع كلام الله .. لا كلام من يزعمون أنهم أوصياء علي كلام الله .
أيها الناس .. لقد آن الأوان أن نستفيق .. أن نعيد قراءة الدين لا بـ أعين السلف .. بل بـ قلوب تنشد السلام .. وعقول تستنير بـ القرآن لا بـ السرديات المنهكة .. أن نكفّ عن حروب الهوية وننصرف لـ حرب الجهل .. أن نغلق مصانع الفتنة ونفتح معاهد الرحمة .. أن يكون القرآن كتاب حياة لا مجرد كتاب جنازات ومناسبات .. هذه هي " رسالة السلام " .. صرخة العقل الحر ونداء الفطرة السليمة .. ومشروع إنقاذ عالمي يبدأ من الإنسان وينتهي عند الإنسان .. مشروع يليق بـ القرن الحادي والعشرين وينبع من أصالة الوحي و .. و يتكئ على نور الحقيقة .
إنها دعوة لكل من بقي في قلبه ذرة إيمان أو شرف أو ضمير : عودوا إلى الله لا عبر كهوف التراث .. بل من بوابة القرآن .. عودوا إلى إنسانيتكم التي كرمها الله .. وكونوا كما أراد لكم شهداء على الناس .. لا جلادين لهم .. دعاة محبة لا قادة جيوش كراهية .
هكذا يكون الدين .. وهكذا يكون السلام .. وهكذا ينجو الإنسان .. اللهم اني قد بلغت .. اللهم فاشهد .