اهم الاخبار
الجمعة 06 يونيو 2025
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

وثيقة إنقاذ من تحت أنقاض البيوت المهدّمة .. تهز عرش الموروث وتعيد للأسرة هيبتها

علي الشرفاء يكتب ميثاق الخلاص للأسرة والمرأة والمجتمع ويواجه فوضى الطلاق بـ ميزان الله لا بـ أهواء الفقهاء

علي الشرفاء الحمادي
علي الشرفاء الحمادي

انعدمت الرؤية وتاهت بوصلة الحق .. ثم .. ثم صار العبث بالمقدسات الاجتماعية تهوراً مُغلف بـ الشرعية .. وتحول رباط الزواج المقدس إلى ساحة صراع لا رحمة فيها .. حتي أُنتزعت المودة من عروق البيوت وأُهدرت كرامة الأسرة باسم شرعٍ لم يرده الخالق .

ضاع التوازن .. وتشوهت المفاهيم .. وتحوّل الزواج لـ عقد هش قابل للتمزيق في أي لحظة غضب .. و أصبح " الطلاق " كارثة أكبر من مجرد انفصال زوجين .. وبات زلزالاً يهز كيان المجتمع ويهدد أمنه واستقراره .. فالأمر لم يعد نهاية علاقة بل بداية انهيار .. ومع كل بيت يتهدم تتشقق جدران الأمة .

.. و .. وهنا لا مكان لأي صمتٍ مريب .. ولا لسكوتٍ تفرضه المجاملات الزائفة .. فإما أن نعيد تشييد الوعي على ضياء الحق أو نواصل الانحدار في دروب الجهل والهوى .. فقد آن الأوان لثورة وعيٍ تعيد للحق قدسيته .. وتمنح للرحمة تاج سلطانها .. وتنتصر لصوت العقل حين يصطدم بجدار الموروث .. ولنداء العدل حين يعلو على صراخ الأهواء .

من هنا تبدأ الحكاية .. من عتبة البيت .. ومن قلب العلاقة التي خُلقت لتكون أقدس ما في الوجود .. تبدأ حكاية خلاص الأمة .

وكعادته دائماً يطل علينا المفكر العربي علي الشرفاء الحمادي .. كقائد فكري يحمل مشعل الوعي والتنوير  .. صارخاً في وجه العبث الأسري والاجتماعي من خلال كتابه الجريء " الطلاق يهدد أمن المجتمع " .. كتاب لا يكتب فيه الشرفاء نصاً وعظياً تقليدياً .. بل يُطلق وثيقة إنقاذ اجتماعية تشريعية .. تضاهي بل تتجاوز في رؤيتها وإنصافها .. مواثيق الأمم المتحدة .. دفاعاً عن المرأة واستعادةً لـ كرامة الأسرة .. واحتكاماً لـ ميزان العدالة الإلهية في أخطر قضايا المجتمع : الطلاق .

فالعدالة لا تتحقق بالهتاف بل بالاحتكام لـ آيات الرحمن .. وهنا لا يتوقف علي الشرفاء في كتابه عند التشخيص فقط .. بل يقدم خارطة طريق ثورية لإنقاذ الأسرة العربية والإسلامية من براثن التفكك .. مؤكدًا أن الحل ليس في استيراد قوانين الغرب .. بل في العودة لمرجعية واحدة لا تقبل التحيّز ولا تحتمل الظلمة : كتاب الله " القرآن الكريم " .. ففي الوقت الذي يتشدق فيه العالم الغربي بحقوق المرأة .. يذكّرنا الشرفاء أن الإسلام سبق الجميع وكرّم المرأة تكريماً لم تصل إليه الحضارات الحديثة إلا بعد نضال قرون .. بل لا تزال بعض قوانينها تعجز عن إنصاف المرأة ككيان مستقل عاقل قادر .

.. وهنا لا يروّج الرجل لـ شعارات دينية استهلاكية بل يضرب بالأدلة القرآنية القاطعة مستدلاً بقوله عز وجل في كتابه الكريم : " فإن أرادا فصالًا عن تراضٍ منهما وتشاورٍ فلا جناح عليهما " .. وقوله تعالي : " فإمساكٌ بمعروف أو تسريحٌ بإحسان " .. صدق الله العظيم .

كلماتٌ ربانية تحوّل الطلاق من قرارٍ مزاجي أحادي إلى عملية تشاركية مبنية على التفاهم والاحترام والإدراك الكامل لـ عواقب القرار .

ويفضح الشرفاء الحمادي في كتابه واقعاً مأساوياً .. تعيشه المرأة في مجتمعات تُجيز للزوج أن يُلقي عليها الطلاق كرصاصة في لحظة غضب .. أو كنزوة .. وربما صفقة تهديد .. وهنا يتصدى المفكر العربي لـ هذه الثقافة المتوارثة المغلوطة .. مؤكداً علي أن الطلاق ليس قراراً فوقيّاً بل حق مشترك .. لا يتم إلا برضا الطرفين وتشاورهم الكامل.

فيقول بصوت حاسم : " لا يجوز أن يتم الطلاق إلا بتوافق .. كما كان الزواج بتوافق " .. وهذا ليس اجتهاداً منه .. بل نصٌ قرآني صريح غفل عنه من وضعوا الفتاوى الجاهزة والأحكام المعلبة على أرفف المصالح الذكورية .

ويقترح الشرفاء تشكيل لجنة نصفها رجال ونصفها نساء من الخبراء القانونيين .. تضع قانوناُ جديداً للأحوال الشخصية .. لا يقوم على كتب المذاهب ولا على فتاوى عصور الظلام .. بل على آيات الله وحدها .. لـ تأسيس مجتمع قائم على الرحمة والمودة لا على القهر والتسلط .. إنها ثورة فكرية حقيقية .. هدفها حماية الأسرة .. لا تأجيج الصراع داخلها .. هدفها بناء مستقبل يرتكز على القيم القرآنية الراسخة : " العدل و المساواة والتشاور والتراحم " .

فحين ينهار بيتٌ .. لا يسقط جدار فقط بل تتشقق قلوب صغيرة مازالت في طور التكوين .. ولهذا يذكّر الشرفاء أن الغاية من الإصلاح الأسري ليست فقط تأمين العلاقة بين الرجل والمرأة .. بل إنقاذ الأجيال القادمة من التشرد النفسي والاجتماعي .. فالطفل المحروم من بيئة آمنة متوازنة .. هو مشروع أزمة مستقبلية .. وحين تسقط الأسرة .. يسقط المجتمع بأكمله .. اللهم اني قد بلغت .. اللهم فأشهد .